الوساطة المصرية – القطرية تواجه «لعبة عض الأصابع» في غزة
تواجه الوساطة المصرية – القطرية من أجل استعادة الهدنة في قطاع غزة صعوبات في حلحلة مواقف طرفي الصراع، بعدما تحوّلت مواقف إسرائيل وحركة «حماس» إلى ما يشبه «لعبة عض أصابع»، يسعى خلالها كل طرف لممارسة أقصى ما يستطيع من ضغط على خصمه.
وفيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة براً وبحراً وجواً، والقصف المركّز على كل مناطق القطاع، رافضة أي مطالب بوقف لإطلاق النار، أعلنت حركة «حماس» أنها لن تخوض مفاوضات جديدة «إلا إذا أوقف العدو (الإسرائيلي) عدوانه بشكل تام، وانسحبت قواته من كامل قطاع غزة».
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إن الحركة أنهت مرحلة تسليم الأطفال والنساء، مشدداً على أن الدخول في أي مفاوضات جديدة للتبادل «مرهون بوقف تام للعدوان على قطاع غزة».
أكد هنية كذلك في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» المصرية، مساء الأربعاء، أنه «لن تُجرى أية مفاوضات في ظل المجازر والمذابح وقتل الأطفال والنساء والشيوخ». وأضاف: «في حال توقف العدوان وإطلاق النار، فنحن مستعدون لاستئناف المفاوضات لتبادل الأسرى جميعاً، والوصول إلى صفقة شاملة».
وثمّن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الجهد المصري والقطري، مؤكداً عملهما «على مدار أسابيع للوصول إلى الهدنة، وأن حركة (حماس) أبدت المرونة الكافية والتزمت بكل ما ترتب عليها من التزامات».
تصريحات هنية تأتي في ظل إصرار الحكومة الإسرائيلية على تصعيد عملياتها العسكرية في القطاع، وتجاهل المطالبات الإقليمية والدولية كلها، الداعية لوقف إطلاق النار، وسط تقارير تشير إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ مسؤولين في «حكومة الحرب الإسرائيلية»، الأسبوع الماضي، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتقد أن الصراع «يجب أن ينتهي خلال أسابيع، لا أشهر»، حسبما نقلت وكالة «أنباء العالم العربي» عن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، (الخميس).
ويرى الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة «فتح» الفلسطينية، أن جهود الوساطة المصرية – القطرية «تواجه بالفعل صعوبات جمة»، مشيراً إلى أنه بعد انهيار الهدنة الإنسانية الأولى في غزة عقب أسبوع واحد فقط من إقرارها، «لجأ كلا الطرفين إلى التشدد في شروطه، بوصفه وسيلة للضغط على الطرف الآخر».
وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية، وإصرار وزراء اليمين المتطرف واحتمالات تفكك الائتلاف الحاكم وضغوط القيادات العسكرية لاستمرار الحرب «تضاعف الضغوط على المفاوضين المصريين والقطريين»؛ لأنه لا توجد إرادة سياسية واضحة لدى الإسرائيليين للذهاب باتجاه وقف لإطلاق النار، وأنهم يعمدون إلى حلول «الدم والنار» بحثاً عن انتصار يعيد إليهم الهيبة، في ظل عدم وجود ضغوط حقيقية لإجبارهم على التراجع.
وأبدى السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق موافقته مع الطرح السابق الذي يشير إلى أن الجهود المصرية – القطرية من أجل استعادة التهدئة تواجه «بيئة غير مؤاتية» في ظل رغبة إسرائيلية محمومة لتنفيذ سيناريو العقاب الجماعي في غزة، وغياب الضغوط الأميركية والإقليمية والدولية الكافية لردع حكومة الحرب الإسرائيلية.
وأضاف هريدي لـ«الشرق الأوسط» أن المبالغة في الاشتراطات مسألة قد تكون مُعتادة في عمليات التفاوض، إلا أن «التشدد الإسرائيلي يعني الاستمرار في عمليات القصف الوحشي على القطاع، وإسقاط أكبر عدد من الضحايا المدنيين ومقدرات قطاع غزة، وهو سيناريو كارثي لا يمكن لأحد تحمله، في ظل تغليب حكومة الاحتلال لهذا السيناريو؛ للحفاظ على البقاء في السلطة مهما كان الثمن من دماء الفلسطينيين».
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية، السبت الماضي، أن رئيس جهاز المخابرات (الموساد) دافيد بارنياع طلب من فريقه الموجود في الدوحة العودة إلى إسرائيل «في أعقاب الطريق المسدودة التي وصلت إليها المفاوضات».
واستضافت العاصمة القطرية، قبل نحو أسبوع، اجتماعات أمنية رفيعة المستوى بين قادة أجهزة الاستخبارات في مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة لمسؤولين قطريين؛ للبحث في سبل تمديد الهدنة. وشدد الدبلوماسي المصري السابق على أنه «لا أمل في التوصل لوقف مطول لإطلاق النار في ظل هيمنة هذا الائتلاف المتطرف على الحكومة الإسرائيلية، وغياب مقدار كافٍ من الضغوط لردعه، مهما بلغت الجهود المبذولة في الوساطة».