الوساطة الإماراتية تستقبل 2024
كتب عبدالعزيز سلطان المعمري في صحيفة البيان:
استقبل العالم سنة 2024 بخبر مفرح لذوي الأسرى الروس والأوكرانيين بنجاح الوساطة الإماراتية، لقد نجحت الدبلوماسية الإماراتية عبر وساطتها وجهودها وتحركاتها واستفادتها من ثقة طرفي الحرب الروسية الأوكرانية بدولة الإمارات العربية المتحدة لتبادل مئات الأسرى من روسيا وأوكرانيا، وهي ليست المرة الأولى التي تنجح فيها دولة الإمارات للتوسط وتحقيق نتيجة إنسانية لتبادل الأسرى بين الطرفين، حيث استعادت روسيا في هذه المرة 248 عسكرياً روسياً، بينما استعادت أوكرانيا أكثر من 200 أسير.
دولة الإمارات بتحقيقها هذا النجاح مع بداية السنة الجديدة، ترسل رسائل للمجتمع الدولي وتؤكد لشعوب العالم أنها مستمرة على نهجها ودبلوماسيتها الإنسانية التي تسعى لمصلحة وحماية وسلامة الإنسان، كما أن دولة الإمارات تهدف لتحقيق السلام والاستقرار رغم انتهاء عضويتها في مجلس الأمن والتي استمرت لمدة عامين، حققت خلالها العديد من الإنجازات والنجاحات من أهمها القرار رقم 2720 الذي تقدمت به للمجلس بهدف اتخاذ خطوات ملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالإضافة إلى حماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني.
لا تمضي علينا بضعة أشهر، إلا وتحمل لنا الأخبار نجاحاً جديداً للدبلوماسية الإماراتية كنجاحها بتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة والمتصارعة في إحدى القارات، والنجاح في إنهاء صراع وتوقيع اتفاقية سلام بين أطراف الصراع في قارة أخرى، والتوسط للإفراج عن أسرى في منطقة أخرى، وتمكنها من خفض توتر وتصعيد في مكان آخر، كل ذلك يدعو لطرح عدد من التساؤلات منها: ما الذي يميز الدبلوماسية الإماراتية ويمكنها من تحقيق النجاح في التوسط بين الدول؟
إن نجاح دولة الإمارات في جهود الوساطة وتمكنها من القيام وممارسة أدوار دولية وإقليمية مهمة وحساسة وحيوية ما هي إلا نتيجة للمكانة الدولية التي تحظى بها كدولة نتيجة لرؤيتها وفكرها القيادي، وكفاءة ومهارة دبلوماسيتها، ومبادئها وقيمها الإنسانية وثوابتها السياسية، حيث تدعو دولة الإمارات دائماً إلى استخدام الحوار والتفاوض لحل النزاعات وإيقاف الصراعات وعدم التصعيد بهدف التخفيف من التداعيات الناجمة عنها على الإنسان والبيئة.
وقد حققت دولة الإمارات نجاحات وإنجازات كثيرة منذ تأسيس اتحادها في العام 1971 منها على سبيل المثال التوسط لإنهاء الصراع الإثيوبي الإريتري وتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين، لكن إذا أخذنا أحدث هذه النجاحات وهو الوساطة الإماراتية لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا سنجد أن القدرة لتحقيقها ونجاحها تأتي لأسباب واعتبارات عدة منها: أولاً المنهج الوسطي السياسي الإماراتي، حيث تقف على بعد مسافة واحدة من أطراف الأزمة (الحياد الإيجابي) ما يعطيها مصداقية وحيادية وقبولاً من جميع الأطراف، ثانياً البعد الإنساني وهو ما تتميز به الدبلوماسية الإماراتية، حيث يحظى الإنسان بأولوية عالية ولأجله ولمصلحته تكون التحركات والمبادرات، ولهذا تعرف دولة الإمارات بدولة الإنسانية، ثالثاً قدرتها على الاستفادة من عناصر قوتها الناعمة وسمعتها بين الدول والشعوب ومكانتها في المجتمع الدولي لتحقيق النتائج المرجوة.
استطاعت دولة الإمارات أن تكون الوسيط المقبول من قبل الأطراف المتنازعة في عدد من الملفات، لأنها تتمتع بعلاقات صداقة إيجابية متوازنة مع جميع الدول وتحظى بثقة الحكومات والمنظمات الدولية.