شؤون لبنانية

الورقة أصبحت “ملبننة”: لا انسحاب بدون شروط

أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن لبنان استعاد قراره السيادي في ما يخصّ الحرب والسلم، مشدداً على أن هذا القرار “يؤخذ اليوم في بيروت، داخل مجلس الوزراء، وليس في طهران ولا في واشنطن”، في إشارة مباشرة إلى استقلالية الدولة عن المحاور الإقليمية والدولية.

وفي مقابلة له، نُشر الجزء الأول منها يوم السبت، شدد سلام على أن السلاح يجب أن يكون حصرياً بيد الدولة اللبنانية، في إشارة إلى قرار الحكومة اللبنانية الأخير، ما أثار ردود فعل حادة من «حزب الله»، وتلويحاً من قياداته بعودة التوتر الأمني.

وقال سلام إن حكومته متضامنة رغم التباينات، مؤكداً أن الاختلاف داخل الحكومة يُدار وفق آليات دستورية، وأن حرية التعبير مكفولة، لكن إقفال الطرقات والتعرض للمرافق العامة مثل مطار بيروت ممنوع تماماً، مشيداً بدور الجيش اللبناني في منع الفوضى وتأمين حرية التنقل للبنانيين.

وعن المواقف الإيرانية المعارضة لقرار الحكومة بشأن حصر السلاح، أوضح سلام أنه عاتب بشدة المسؤول الإيراني علي لاريجاني، قائلاً: «قلت له إننا لا نتدخل في شؤون إيران، ونطالب بأن لا يتدخل أحد في شؤوننا».

في المقابل، أكد سلام أن العلاقة مع إيران يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل، مشيراً إلى أن لبنان حريص على أفضل العلاقات مع طهران كما مع سائر الدول العربية، لكنه رفض ما وصفه بـ”الخطاب التهديدي” من أطراف إيرانية ضد حكومته.

وفي ما يتعلق بورقة المبعوث الأميركي توم برَّاك، أشار سلام إلى أن الورقة المعدّلة التي تم تبنّيها في مجلس الوزراء أصبحت «نسخة ملبننة» تعكس التعديلات اللبنانية، وتشمل 11 بنداً تتضمن وقف الأعمال العدائية، انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من الأراضي اللبنانية، عودة المهجرين، والإعداد لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار.

وأكد أن لا نية للبنان بالدخول في أي مفاوضات سلام أو تطبيع مع إسرائيل خارج إطار مبادرة السلام العربية، مضيفاً: “نحن لسنا في وارد الدخول في مغامرة عسكرية، لكن نعمل سياسياً ودبلوماسياً لوقف الخروقات الإسرائيلية”.

أشار رئيس الحكومة إلى لقاءاته مع مسؤولين سوريين، وقال إنه عرض مع الرئيس فاروق الشرع ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل، كاشفاً عن تعاون أمني مشترك على الحدود، لا سيما في مكافحة تهريب السلاح والمخدرات، بدعم من السعودية.

كما تحدث عن إحراز تقدم في ملف اللاجئين السوريين، مشيراً إلى عودة نحو 170 ألف لاجئ خلال الأشهر الأخيرة، ضمن برنامج مشترك مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يهدف إلى ضمان عودة آمنة وكريمة.

وحول العلاقات مع الرياض، أشاد سلام بالدور السعودي في لبنان، لا سيما في رعاية اتفاق الطائف، معرباً عن أمله في رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان واستئناف الصادرات اللبنانية، مؤكداً أن حكومته ركّبت أجهزة كشف حديثة في المرافئ لضبط تهريب المخدرات، بعد فضائح متكررة أضرت بسمعة البلاد.

في الشأن الداخلي، أكد سلام أن حكومته بدأت عملياً مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، كاشفاً عن ملاحقة وزراء وقضاة ومسؤولين إداريين، وأعلن أن الحكومة أقرّت قوانين أساسية مثل رفع السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

وشدد على أن لا نية لشطب ودائع اللبنانيين، وأن استردادها سيتم بشكل تدريجي يبدأ بصغار المودعين، ضمن مشروع إعادة التوازن المالي الجاري العمل عليه حالياً في الحكومة.

أعلن سلام مجدداً أنه وأعضاء حكومته لن يترشحوا للانتخابات النيابية المقبلة، حفاظاً على حياد السلطة المشرفة على العملية الانتخابية، مؤكداً أن نزاهة الانتخابات تقتضي عدم مشاركة الحكومة كمرشح فيها.

وفي نهاية حديثه، عبّر عن إصراره على الاستمرار بمشروعه الإصلاحي رغم التهديدات والحملات على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: “الذي يصفنا بالصهيوني يؤجج الفتنة، وأنا أرفض الانجرار وراءها”.

وختم سلام بالتأكيد على أن لبنان قادر على أن يكون شريكاً طبيعياً في النهضة الخليجية، داعياً إلى استعادة صورة لبنان المشرقة، بلد الفكر والثقافة والانفتاح، بعيداً عن الفساد والمحاور والتطرف.

المصدر: الشرق الأوسط

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى