رأي

الوجه الآخر لعرض ترامب العسكري

انتابني القلق بشأن العرض العسكري الذي أقامه ترامب إلى أن رأيته. ماكس بوت – واشنطن بوست

كنت أعلم أن الرئيس دونالد ترامب كان يرغب بشدة بهذا المشهد منذ عام 2017، لكن وزير دفاعه الأول، جيم ماتيس، رفض ذلك، لأنه اعتبره أمرًا شائعًا في روسيا وكوريا الشمالية. وفي حديث خاص، نُقل عن ماتيس قوله إنه يُفضل “ابتلاع حمض” على عرض عسكري في العاصمة.

أما الآن فقد أصبح لدى ترامب وزير دفاع أكثر مرونة وأقل كفاءة، وهو بيت هيجسيث، مما يفتح الباب أمام تسييس القوات المسلحة الأمريكية. وقد تجلى هذا الخطر الأسبوع الماضي، مع نشر ترامب للحرس الوطني ومشاة البحرية الأمريكية في لوس أنجلوس رغم احتجاجات القادة المحليين، وإلقائه خطابًا أشبه بحملة انتخابية في فورت براغ بولاية كارولاينا الشمالية، والذي انتشر فيه مقاطع فيديو مثيرة للقلق لجنود الفرقة 82 المحمولة جوًا وهم يهتفون بينما كان يهاجم الديمقراطيين ووسائل الإعلام.

كان قلقي أن يُحوّل ترامب عرض الجيش إلى مجرد استعراض سياسي آخر. وازدادت هذه المخاوف عندما رأيتُ عدد المتفرجين الذين يرتدون قبعات أو قمصانًا تحمل شعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا”. لكن مخاوفي بدأت تتلاشى بمجرد أن بدأت الموسيقى بالعزف وبدأ الجنود بالسير.

لقد كنتُ أستمتع برؤية الجنود وهم يسيرون بزيّات عسكرية من حقبة الثورة الأمريكية، والحرب الأهلية، والحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، وحرب فيتنام، وحرب الخليج. وقد غمرتني حماسة التحليقات الجوية من طائرات تاريخية – بما في ذلك طائرة نقل من طراز C-47، وطائرة مقاتلة من طراز P-51، ومروحية من طراز Huey – والقفز المظلي الجريء لفريق مظلات الفرسان الذهبيين التابع للجيش.

ورأيتُ أنه من الرائع رؤية بعض الجنود يمرون على ظهور الخيل، بينما يقود آخرون مركبات تاريخية مثل سيارات الجيب ودبابات M4 شيرمان. وقرب النهاية، استعرض الجيش أسلحته المستقبلية من خلال تحليق طائرات مسيرة، ومرور طائرات مسيرة تشبه الكلاب.

كان من أكثر جوانب العرض إثارةً للجدل مشاركة دبابة M1 أبرامز التي يبلغ وزنها 70 طنًا، والتي كان من الممكن أن تمزق شوارع المدينة وتعيد إلى الأذهان صورًا مزعجة من دول أخرى لما يحدث عند دخول الدبابات إلى العاصمة. وكان قد كُتب على لافتة احتجاجية لمحتها أثناء دخولي: ” Thanks but not Tanks”. وأزال المشهد قلقي لاسيما عندما كان أفراد الطاقم يبتسمون ويُلوحون للمشاهدين، وفي بعض الحالات، يُشيرون بأيديهم بإشارة قلب.

أعتقد أن العرض كان جيداً من حيث تذكير الأمريكيين بالتاريخ المجيد لجيشهم، وقوة الحرية التي هزمت الكونفدرالية، وألمانيا النازية، واليابان الإمبراطورية، والإمبراطورية السوفيتية.

ورغم أننا لا ننكرأن الجيش ارتكب أيضًا سلوكيات مُشينة على مر القرون، من حروب الهنود الأمريكيين إلى سجن أبو غريب، ولكن من المنطقي في يومٍ كهذا أن نحتفي بالجنود الذين ضحوا بحياتهم دفاعًا عنا، بدلًا من انتقادهم.

ومما يلفت النظر ضبط ترامب لنفسه أثناء العرض. فقد أبقى كلماته موجزة ومركزة على الجيش بدلاً من تمجيد نفسه أو مهاجمة خصومه السياسيين. كما استمتعت بالجنود الجدد أثناء تأديتهم للقسم. وأتمنى أن يكونوا قد أقسموا على دعم الدستور والدفاع عنه، وليس على شعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً”.

لقد تضاربت الآراء بشأن العرض؛ حيث نشرت مجلة رولينج ستون خبرًا عن ذلك اليوم بعنوان: “كان عيد ميلاد ترامب العسكري فشلاً ذريعًا”. وقد يكون ذلك صحيحاً، لكن لنكن منصفين فترامب لم يختطف الحدث، كما أن جنرالات الجيش غادروا مرتاحين للعرض كما شعرت أنا.

المصدر: واشنطن بوست

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى