أبرزرأي

الهيئات الناظمة… تعطيل فاضح في التعيين والوزراء يخشون فقدان صلاحياتهم

كارول سلوم.

خاص رأي سياسي …

إذا كان تعيين الهيئات الناظمة في أي وزارة أو قطاع في لبنان يشكل أمرا أكثر من ملح، فإن العوائق التي تحول دون انجازه لا يمكن إزالتها بسهولة . وعلى مدى سنوات كان العجز يرافق السلطة السياسية في إصدار هذا التعيين الذي ورد كمطلب إصلاحي في شروط صندوق النقد الدولي كما في الورقة الفرنسية التي أشار إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته إلى لبنان وقبل ذلك حضرت في البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة .

وليس مبالغة في القول أن ” جنون السيطرة” لدى بعض الوزراء وخشيتهم من انتقال صلاحياتهم إلى هذه الهيئات عطل العمل بها، وأثار اشتباكات بين بعض الوزراء ورؤساء الهيئة في حينه.
ولمن يريد أن ينعش ذاكرته حول هذه الهيئات التي باتت تتكرر كشعار دون تطبيق ،فإنها تنشأ بموجب قوانين صادرة عن مجلس النواب ويكمن دورها الأساسي في تقديم الخطط والوزراء وإعداد الدراسات والأنظمة التي من شأنها تطبيق القوانين المتعلقة بكل قطاع وتحيلها إلى الوزير ، وتبدي الهيئات دورها في المشاريع المقترحة وتساعد في اتخاذ القرارات والإجراءات وفق أحكام القانون الذي أقر إنشاءها .
لم يشق هذا التعيين طريقه في الحكومات المتعاقبة لأكثر من سبب لكن الابرز هو الخلافات السياسية بين الأفرقاء والمفارقة ان الوزراء المعنيين ابدوا التزامهم بهذه الهيئات وأكدوا أهمية دورها ، لكن على أرض الواقع ليس هناك من جهد يذكر، وقد تبقى الأمور على هذا المنوال لفترة من الزمن.

حاليا ليس هناك من رئيس وأعضاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء ، في حين أن الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات عُهدت إلى رئيس بالانابة ، كما أن لا هيئة ناظمة في المرفأ والمطار . وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض قد أكد العمل على تعيينها حتى أنه أطلق إجراءات التوظيف لهذه الهيئة في كانون الأول من العام ٢٠٢٢ وعاد ومدد منذ شهر تقريبا طلبات الانتساب الى الهيئة لغاية ٢٣ اب ضمنا.
وتقول أوساط مراقبة ل”رأي سياسي” أن تعيينات بهذه الأهمية لم تمر في حكومات كاملة الأوصاف فكيف لها أن تقر في حكومة تصريق الأعمال ، وترى أن المواقف التي تعلن بشأن الإلتزام بهذه التعيينات لا تعكس إلا حقيقة واحدة : الوقوف عند رغبة الجهات الدولية التي تؤكد أهمية الإصلاحات لا أكثر ولا أقل وبالتالي فإن القرار على ما يبدو متخذ لأبقاء هذه الهيئات على الاسم من دون إطلاقها للمباشرة بمهاماتها الضرورية والانتظار سيطول إلى حين انتخاب رئيس جدبد وتأليف حكومة تولي هذا التعيين الأهمية القصوى.

وفي هذا المجال ، يؤكد مدير عام الاستثمار والصيانة في وزارة الطاقة والمياه سابقا غسان بيضون لموقعنا أن ما يقوله الوزير حول انجازه التعيين غير صحيح . “فالوزير لا يعين وحكومة تصريف الأعمال غير قادرة على ذلك، إذا ما يشير إليه يندرج في سياق رفع العتب للقول أنه يسير على خطى الإصلاح”، متوقفا عند مخالفته القانون بطرح توظيف ستة اعضاء في حين أن عدد الأعضاء يبلغ خمسة معتبرا أنه وضع “لغما ” في هذا السياق وهو في الأصل لا يشارك في جلسات الحكومة.
ويلفت بيضون إلى ان عدم إجراء هذا التعيين أو أي تعيين في الهيئات الناظمة يعود إلى هاجس الوزراء من حصول أي تعد على صلاحياتهم ؟مشددا على أن هذه الهيئات يديرها أصحاب اختصاص وخبراء يؤمنون استمرارية القطاعات وبنفذون الخطط والتوجيهات التي تقرها الحكومة .
ويؤكد بيضون أن هذه الهيئات تقدم الاقتراحات إلى الوزراء المعنيين ولا بد من الأخذ برأيها ، فهي من تتابع وتنفذ الخطط وتطرح التعديلات ولها صلاحيات تقنية واسعة ، مبديا أسفه لأن “وزراء ما بعد الطائف استبدّوا بكل شيء وصاروا يمتلكون الحصص وشركات خفية وعملوا على تحقيق منافع سياسية ومالية كما أن المرافق العامة وضعت تحت وصايتهم ، وحصل استغلال وقامت منافع وتحولت الوزارات الى شركات خاصة وعمل بعض الوزراء كالأخطبوط في الهيمنة على كل شيء من مسألة التراخيص وغير ذلك. و هذا ينطبق على وزارة الطاقة التي سيطر وزراؤها المتعاقبون من جماعة التيار الوطني الحر على كل شيء ، كاشفا ان كبار موظفي مؤسسة كهرباء لبنان غادروا للعمل في الخارج وتعببنات الوزارة لم تحصل لاسيما مدير عام الطاقة والموارد المائية والكهربائية والأمر مناط بمديرية النفط والمنشآت فقط في حين أن الوزير يهيمن على كل شيء .

وأضاف: “هؤلاء الوزراء يريدون السيطرة على مفاصل الوزارة ومطالبتهم بالهيئات الناظمة ليست إلا مسرحية لإلهاء المؤسسات الدولية والقول انهم جادون في الإصلاح في حين اتهم ليسوا كذلك.”

ومن هنا، قد تبقى الهيئات الناظمة حبراً على ورق ما لم تتوفر الإرادة السليمة بالإفراج عنها بعيدا عن منطق الهيمنة ووفق منطق الشفافية المطلوب .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى