رأي

الهند وباكستان.. لعنة التاريخ والجغرافيا

تأتي دعوة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى الهند وباكستان بضبط النفس والتهدئة، وتفادي المزيد من التصعيد الذي يهدد السلم الإقليمي والعالمي، نتيجة القلق والمخاوف من تصعيد الاشتباكات بين البلدين الجارين، بما يحمله ذلك من مخاطر لا تستطيع المنطقة والعالم تحمل تداعياتها، خصوصاً أن البلدين يمتلكان قدرات عسكرية غير تقليدية.

لذلك أكد سموه أن الاستماع إلى الأصوات التي تدعو إلى الحوار والتفاهم أمر بالغ الأهمية لتجنب التصعيد، وترسيخ الاستقرار في منطقة جنوب شرق آسيا، وتجنيب المنطقة عوامل التوتر، مؤكداً «أن الإمارات ستواصل مساعيها الرامية إلى إنجاح مختلف الجهود للتوصل إلى حل سلمي للنزاعات الإقليمية والدولية، والتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عنها».
لقد خرجت الاشتباكات من حالة المناوشات العسكرية الروتينية على الحدود التي بدأت بعد الهجوم الذي وقع يوم 22 إبريل/ نيسان الماضي في إقليم كشمير الهندي واستهدف سياحاً هندوس، وأسفر عن مقتل 28 شخصاً، إلى صدام عسكري واسع على طول الحدود الكشميرية استخدم فيه الطيران والمدفعية والطائرات المسيرة، وتهديد بتوسيع رقعة الاشتباكات، وهو التصعيد الأخطر بين البلدين منذ عشرين عاماً.

ومما زاد الطين بلة، أن الهند أعلنت قطع مياه الأنهر التي تنبع من أراضيها وتروي باكستان، وخصوصاً «نهر شيناب» الذي تم وضعه تحت سيطرة باكستان بموجب معاهدة مياه السند الموقعة العام 1960 بين البلدين.

وإذا كانت هذه الاشتباكات ليست جديدة، إذ إن كشمير كانت دائماً موضع خلاف بينهما حتى قبل الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، فقد اندلعت اشتباكات عام 1965 وفي العام 1999، كما وقعت في الإقليم الذي يضم أغلبية مسلمة العديد من أعمال العنف والاضطرابات، إلا أن الاشتباكات الحالية تأخذ منحى جديداً أكثر خطورة، خصوصاً إذا ما اتسعت رقعتها وصولاً إلى داخل البلدين.
هي لعنة الجغرافيا والتاريخ معاً على البلدين الجارين اللذين كانا بلداً واحداً، وتحولا إلى خصمين بدلاً من أن يتعايشا بسلام ووئام، ذلك أن ما بين الجغرافيا والتاريخ تقوم الحياة، وتنشأ الأمم والمجتمعات وتتعاقب الأجيال، لاسيما بين الدول التي تربط بينها حدود جغرافية قدرية، لا يمكن لها أن تتبدل أو تتعدل.
في مؤلفه «انتقام الجغرافيا» يقول الكاتب الأمريكي روبرت كينان، إن مفاعيل الجغرافيا قادرة على أن تخلق حياة مزدهرة حين تغيب صراعات الحدود وتختفي التهديدات، أو العكس بحيث تتحول إلى حالة عداء مستحكم.
إن إرادة الحياة والعلاقات الإنسانية والسعي إلى السلام الدائم من أجل خلاص البشرية يجب أن تكون القاعدة التي تحكم العلاقات بين الدول، بحيث تنتفي التهديدات والحروب وكل وسائل الهيمنة، وهو ما تدعو إليه دولة الإمارات باستمرار انطلاقاً من القيم الإنسانية التي تؤمن بها وتعمل على تكريسها.
إن الدعوة إلى ضبط النفس والتهدئة والعودة إلى الحوار مطلوبة الآن بين الهند وباكستان لئلا نصل إلى ما هو أسوأ وأخطر.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى