
كتبت لما جمال العبسه في صحيفة الدستور.
من الصعوبة بمكان الآن قراءة واستشراف ما بعد الايام الاربعة وهي الهدنة المتفق عليها بين حركة المقاومة الاسلامية «حماس» والعدو الصهيوني والتي تم الإعلان عنها فجر امس، اما في ظاهرها هي استراحة المحارب، ونعتقد هنا انها سيف ذو حدين لكن على جانب حكومة العدو الصهيوني اشد واقسى من جانب المقاومة.
المجتمع الاسرائيلي يعاني الكثير من الفُرقة بسبب حكومة بنيامين نتنياهو العنصرية الفاشية التي طالت حتى مواطنيها وفرضت على ما كانت تتفاخر بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة القمع السلطوي والهوية الدينية المتطرفة، وزادت شبق الكثير من المستوطنين المتعطشين للدماء لزيادة القمع والضرب في خاصرة الفلسطيني سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة.
منذ بداية هذه الحرب الابادة على قطاع غزة الذي بدل أن كان محاصرا على مدار اكثر من 16 عاما، أصبح الآن معتقل تعذيب بكل ما تحمله الكلمة من معنى بفعل آلة الحرب الصهيونية، والتي على ما نرى أن الحكومة الصهيونية رأت فيها فرصة لإعمال القتل في الشعب الفلسطيني في ارجاء الضفة والقطاع، ومحاولة القضاء على اجيال قادمة على هذه الدولة المصطنعة تتم المائة عام وتزول عنها لعنة الزوال بحسب معتقداتهم الدينية.
والان وبعد نحو 47 يوما على العدوان الاسرائيلي على غزة والضفة والتي تمكنت خلاله بحسب معتقداتها دولة الاحتلال بأنها حجبت الحقيقة من خلال منع الكوادر الصحفية من دخول القطاع، وفرضت سلطتها على الجهات الإعلامية الاجنبية قبل المحلية في تل ابيب لتصدر ما يخدم عدوانها النازي على القطاع، وهذا بالطبع لم يحدث فكل ما تجريه آلة دمارهم كان يصل الى خارج خارطة فلسطين التاريخية، والآن ومع هذه الهدنة قد يكون هناك عدد من الصحفيين الاجانب الراغبين في نقل الصورة كاملة لمجريات الاحداث في القطاع وشماله على وجه التحديد.
قد تكون هذه الهدنة عامل تثبيط لافراد وعناصر جيش الاحتلال الذي يحاول منذ بدء العملية البرية له الدخول والتوغل في شمال القطاع وفشل بفعل ما تقوم به المقاومة من ردع لهم تارة بالهجوم واخرى دفاعا.
بالنسبة للمقاومة الفلسطينية، فانها جاءت بالمهم، فقد حاولوا بداية استنهاض العالم على اساس ان «حماس» هي داعش الارهابية، ولم يتمكنوا من هذا الامر، فسار العلم الفلسطيني في ارجاء العالم الذي يطالب شعبيا بتحرير فلسطين وايقاف الدعم للعدو الصهيوني، وكانت المفاوضات تُجرى مع «حماس» وبهذا اعتراف دولي وان رفضوا بانها حركة مقاومة شعبية.
أما في الجانب الاخر، فقد قاتلت المقاومة مقاتلة الفرسان، فهي لم تستسلم بل فرضت شروطها باعادة الرهائن المدنيين مقابل اطلاق سراح النساء والاطفال في سجون العدو الصهيوني، وبذلك يتعرى الوجه القبيح اكثر واكثر لهذا النازي الذي يسجن الاطفال وينكل بهم، ليتعمق مع هذا الشرط الاستهزاء بمبدأ «حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها» المتمثل في انهاء حياة الاطفال معنويا وفعليا.
أما شمال القطاع بسكانه فوضوا المقاومة للدفاع عن الحق الفلسطيني، فلا يزال هناك مئات الالاف يقطنون الشمال ويؤكدون البقاء وعدم التخلي بعد رحيل احبائهم، فلا حياة بدون وطن واهل، وكذلك بقي القطاع، لتندحر مع محاولات العدو الفرقة الفلسطينية بشكل او بآخر، ويتوحد الهدف بالتحرير تحت ظل المقاومة التي اخذت شرعيتها من المواطن الفلسطيني.
الكثير ممكن ان يُقال في هذا الاطار، والاهم ان العدو الصهيوني لا ذمة له ولا عهد، ونعتقد هنا ان المقاومة كاملة تدرك ذلك وتعي ان هذا الصهيوني قد يخون العهد، ومتأكدون من انها تحمل في ضميرها «إن عدتم عدنا»، فالمقاومة لم تستسلم وانما تريد ان تريح شعب القطاع لشحذ همته فالقادم لا يعلمه الا الله.