رأي

النيجر تتحرّر من أصفاد فرنسا بعد مالي وبوركينا فاسو.

كتب سلطان ابراهيم الخلف في صحيفة الراي.

في العام 1975 تشكّلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) تضم 15 دولة عضو. تهدف المجموعة إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وإقامة سوق مشتركة بين أعضائها من خلال تعزيز التجارة وتوحيد العملة. كما تهدف المجموعة إلى حفظ السلام في المنطقة حيث تضم قوة تدخّل عسكرية لمواجهة الاضطرابات التي تهدّد سلطات تلك الدول.

منذ العام 1975 وهي فترة طويلة تقارب النصف قرن، لم يطرأ تحسّن على المستوى المعيشي لشعب النيجر، رغم عناوين التنمية والتكامل الاقتصادي وتوحيد العملة وربطها باليورو وما إلى ذلك من كلمات برّاقة، حيث يعيش 40 في المئة من شعب النيجر المسلم تحت خط الفقر، وقس على ذلك بقية شعوب المجموعة، ناهيك عن الفساد المستشري بمؤسسات تلك الدول ولم تسعفها المفوضّيات الخاصة بالمجموعة التي تشكّلت من أجل تنفيذ أهداف «إيكواس». ولذلك تكون النيجر الدولة العضو الثالثة في المجموعة التي تنقلب على السلطة بعد بوركينا فاسو ومالي، ما يدل على أن المجموعة تواجه مشاكل كبيرة قد تهدّد بتفككها، وأن رؤية 2050 التي بشّر بها برلمان المجموعة في العام 2021 تحت شعار «إيكواس.. السلام والازدهار للشعوب» كان سابقاً لأوانه وقد يأتي العام 2050 كنسخة خمسينية مكررة، حاملاً معه أضغاث أمنيّات لم تتحقّق على أرض الواقع. ومع أن المجموعة كانت عبارة عن مستعمرات بريطانية وفرنسية وبرتغالية، إلا أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تتفاعل مع انقلاب النيجر وتهدّد بتدخل عسكري لإعادة السلطة في النيجر، من خلال استنفار المجموعة للتدخل العسكري، بعد قطع المجموعة علاقاتها مع النيجر وفرض عقوبات اقتصادية عليها، ليس حرصاً من فرنسا على مصلحة شعب النيجر الذي تظاهر ضدها وأيد الانقلابيين، بل لأن فرنسا تعتمد على 35 في المئة من يورانيوم النيجر في الحصول على 70 في المئة من طاقتها الكهربائية وتبيع فائضها إلى جاراتها الأوروبيات، بينما يعيش شعب النيجر في ظلمات البؤس، ولم يتحسّن مستواه المعيشي كما وعدت فرنسا، التي تدير المجموعة.
تحاول فرنسا إعادة السلطة إلى رئيس النيجر محمد بازوم بالقوة، وتخشى من أن تلحق النيجر بركب دولة مالي التي تخلّصت من الوجود الفرنسي فيها وأجبرت فرنسا على سحب قواتها العسكرية منها، مع أن شعب النيجر عبّر عن موقفه الرافض للوجود الفرنسي وتدخلها في شؤون بلادهم، على أن ترحيبه بتدخلات روسيا جاء من باب تجربته القاسية مع الاستعمار الفرنسي وتطلعه للتحرّر من سطوته، ووعيه بجرائمه الوحشية في بلادهم والبلدان الأفريقية وآخرها في دولة رواندا بداية التسعينات التي راح ضحيتها ما يقرب من مليون قتيل حيث توجه أصابع الاتهام إلى تورّط كتيبة «التركواز» الفرنسية في الحرب الأهلية فيها.

شعوب مجموعة «إكواس» كلها تتطلّع للتفلّت من قبضة القرصان الفرنسي، وليس شعب النيجر بمفرده.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى