النفط في 2024
كتب كامل عبدالله الحرمي في صحيفة العربية:
من الصعب توقّع معدل أسعار النفط للأشهر الـ 12 المقبلة… لكن من الممكن، ببعض التصورات أو حتى التخمين في إطار المعطيات الحالية من الأرقام من عرض الطلب العالمي… ومن دون التوقع بحدوث أزمات سياسية أو وقوع حوادث أو حروب، مثلما يحدث حالياً في البحر الأحمر، ما ساعد في ارتفاع سعر برميل النفط إلى معدل بالكاد يُلامس 80 دولاراً.
ولولا الحوادث الأخيرة في البحر الأحمر، لكان النفط عند 75 دولاراً للبرميل.
والسبب وجود كميات نفطية كبيرة ومتزايدة تتدفق وبكل انسيابية إلى الأسواق من البترول ما قد يسبّب من دون شك، تخمة في الأسواق النفطية، ومن ثم الخفض في معدلات أسعار النفط.
ومن الصعب التوقع أن تلجأ منظمة «أوبك+» للطلب من أعضائها، بخفض جديد آخر، إضافة إلى الخفض الحالي والبالغ 2.6 مليون برميل يومياً، ما أدى مثلاً الى انسحاب أنغولا، وعدم ارتياح بعض الدول الأفريقية الأعضاء من هذه التخفيضات. وهذه الدول، مثل أنغولا ونيجيريا، بأمس الحاجة إلى مداخيل مالية، لكن ليس على حساب إنتاجها.
إضافة إلى الكميات الحالية والآتية من الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يصل إنتاجها لأكثر من 15 مليوناً خلال السنوات الثلاث المقبلة من إنتاجها الحالي والبالغ 13.5 مليون يومياً.
وهناك كندا التي سيتجاوز إنتاجها 6 ملايين خلال السنوات المقبلة، من 4.5 مليون حالياً. والبرازيل التي تنتج حالياً 3.5 مليون برميل، وستصل في السنوات المقبلة إلى 5 ملايين، وستتجاوز إنتاج الكويت وإيران، وستتساوى مع إنتاج العراق.
بمعنى أن أكثر من 9 ملايين برميل قادمة… وهذه الكميات تمثل تحدّياً كبيراً لدول «أوبك+»… وهذا حتماً سيؤدي إلى زعزعة في أسعار النفط، وآلية وكيفية التعامل مع الوقود الأحفوري.
هذا إضافة إلى الكميات الجديدة الآتية من إيران وفنزويلا، ما سيؤدي الى زيادة نسبة المنظمة الى أكثر من معدلها الحالي والبالغ 40 في المئة من إجمالي النفط العالمي، وهي النسبة الأعلى منذ 4 سنوات، وذلك رغم المتطلبات والضغوط على خفض الانبعاثات الغازية، ومن الطلب التطوعي بالتحول عن النفط ومن دون تحديد زمن معين.
لكن هذا يبقى مطلباً بيئياً وسيُعرّض الدول النفطية لتحديات، وكيفية مواصلة الاعتماد على مصدر وحيد للدخل القومي، وإمكانية إيجاد منافذ مالية حقيقية للأجيال القادمة، سواء في الكويت أو بقية الدول النفطية التي تعتمد بأكثر من 40 في المئة على النفط… وهي حقيقة مرّة.
في الوقت نفسه، يبقى معدل النمو والطلب العالمي على النفط هو المحور الأساسي، كذلك مدى إمكانية تعافي الاقتصاد الصيني ومدى تأثيره على معدل استهلاك النفط.
لكن دائماً علينا أن نتعامل مع الأحفوري، ليس حسب معدلاتنا، وإمكانية مُقابلة رقم ومعدل السعر التعادلي، حيث يبدأ يُمثل المعيار القياسي للدول النفطية في محيط 80 و90 دولاراً للبرميل.
لكن هذا أيضاً يشجع الدول النفطية الكبرى الأخرى، مثل منتجي النفط المستقلين في أميركا وكندا، وبعيداً عن المعونات الحكومية، سيتفقون على دول «أوبك+» بمتابعتهم اليومية لسعر البرميل واتخاذ ما يرونه مناسباً لتخفيف الكلفة عن كل برميل منتج. وهذه المتابعة اليومية هي شبه مستحيلة… وما تريده حكوماتنا تغطية العجز السنوي ومعادلة السعر التعادلي وزيادة معدلات التوظيف في القطاع النفطي… وهذا ما يحدث معنا سنوياً في النفط.
ويبقى السؤال… هل سيصل سعر البرميل في 2024 إلى نطاق يُغطي موازنات الدول النفطية وأفضل من 2023؟
علينا الانتظار… لكن من الصعب أن يكون كذلك في حال عدم وجود توترات وأزمات سياسية وحروب.