
حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
في الوقت الذي تنشغل فيه القوى السياسية بلعبة عض الاصابع حول الاستحقاق الرئاسي ، يتقلب لبنان على صفيح ساخن ، وهذا ناجم عن ملفين مهمين بمثابة لغمين من الممكن ان ينفجرا في اية لحظة ويدخلان البلاد في اتون صراع تعرف بدايته ولا يعرف الى ان ينتهي ، وهما ملف النازحين السوريين ، وملف المخيمات وعلى وجه الخصوص مخيم عين الحلوة.
فعلى مستوى ملف النازحين ، فان هذا الموضوع يكبر يوميا ويأخذ شكل كرة الثلج نتيجة الزحف اليومي عبر المعابر غير الشرعية في اتجاه لبنان، وهو امر يُفاقم من مخاطر هذه القنبلة الموقوتة ، خصوصا وان هؤلاء يتدفقون بالآلاف ويتوزعون بشكل منظم وعشوائي في مختلف المناطق رغم جهود وحدات الجيش المنتشرة التي تحبط يوميا المئات من حالات التسلل هذه، فيما الوزراء المعنيين بهذا الملف يتقاذفون التهم ويرمون المسؤوليات على بعضهم البعض، وكان البارز ما قاله منذ ايام وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين الذي اكد حالة التقصير في المعالجة بقوله، اننا كحكومة لبنانية متلكئون عن إيجاد الحل الجذري، وهذا الحل يكون بذهاب وفد رسمي الى سوريا مرة ومرتين وثلاث مرات، واجراء بروتوكول وتوقيع بنود عودة وحماية للحدود وضبطها. اما الاجراءات التي حصلت الاسبوع الماضي فهي اجراءات امنية لأنه كان هناك نزوح جديد لا مبرر له، وهو نزوح خطير ومخيف لا يمكن التساهل به والّا سيدخل اكثر من مليون نازح جديد.
والمستغرب في هذا المجال كيف ان الحكومة تقف مكتوفة الايدي ولا تسارع الى وضع الية للتصدي لهذا الخطر الداهم، ان من خلال اجراءات ميدانية صارمة، او عن طريق تشكيل وفد يزور سوريا للبحث مباشرة مع الحكومة السورية لوضع الية للمعالجة، فاستمرار التعاطي عن بعد وبخفة مع هذا الملف سيؤدي في نهاية الامر الى تفاقمه وتحوله الى ازمة طويلة الامد، سيما وان جهات خارجية تستفيد من الواقع السياسي المترهل في لبنان وتحاول فرض ابقاء النازحين في لبنان اما بالترغيب او الترهيب، وهم يفاتحون المسؤولين في لبنان بكل وقاحة بهذا الموضوع، حتى ان المشاريع التي تريد ان تنفذها منظمات دولية في لبنان يكون شرطها الاساسي ان تكون حصة النازحين من هذه المشاريع اكبر بكثير من حصة لبنان وهو ما يرفض غالبة الاحيان من قبل بعض المسؤولين الذين يرون في ذلك اهانة للبنان ومؤامرة عليه.
ويفترض امام ما بات يسمى بالنزوح الثاني ان تنتهج الحكومة اسلوبا اخر في التعاطي مع هذا الملف الخطر ، ويكون كل الوزراء قلبا واحدا لوضع حد له واولى الخطوات التي على الحكومة التي ستبحث الملف اليوم القيام بها ، هي التواصل المباشر مع الحكومة السورية طلبا للمساعدة في احتواء هذا الموضوع قبل ان يفلت من عقاله.
اما في ما خص مخيم عين الحلوة فيقول قادمون من هناك بأنه يعيش هذه الايام حالة من التوتر وهو اشبه بجمر تحت الرماد حيث غالية القوى المعنية بالاحداث الاخيرة تضع اصبعها تحت الرماد وتقوم بتحصين مراكزها من خلال وضع المتاريس العالية تحسبا لاي طارئ، وما يفاقم الامور اكثر هو اصرار عصبة الانصار في المخيم على عدم تسليم من اغتال القيادي في حركة فتح ابو اشرف العرموشي، حيث انتهت المهلة التي كانت قد اعطيت لهم امس من دون اي تجاوب مع طلب هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي ستوافق على تشكيل قوة فلسطينية مشتركة من القوى والفصائل تتولّى جلب المطلوبين بالقوة، على غرار ما اتُّبع في وجه الإسلامي بلال العرقوب لإنهاء اشتباكه مع فتح عام 2019. فيما تعتبر عصبة الانصار والمناصرين لها أن فتح تضغط على القوى لتسليم المطلوبين تحت التهديد باستئناف القتال. فهي تعلن التزامها بالهدنة، فيما تواصل تحصيناتها في محاور البراكسات والطوارئ والتعمير.
كل ذلك يحصل فيما تظهر الدولة بمظهر الغائب ، وكأن ما يحصل هو ليس على ارض لبنانية ولا يعنيها الامر ، فيما الواقع الصحيح يفرض ان تكون الحكومة من خلال اجهزتها المختصة في صلب اي قرار يتخذ بالمخيم في اطار الحفاظ على السيادة اللبنانية .