“الناتو” يحقن أوكرانيا بمهدئ بعد قمة العام الماضي
نشرت “بوليتيكو” مقالا لبول مكليري تناول فيه تعهدات حلف “الناتو” لأوكرانيا بالعضوية والسلاح والدعم، وموقف القيادة الأوكرانية من ذلك.
وجاء في المقال المنشور على موقع “بوليتيكو”:
“أصبحت الأمور أفضل مما كانت عليه” بعد تعهدات العضوية والسلاح.
في الأغلب يبدو أن القادة الأوكرانيين راضون عن نتائج قمة “الناتو” في واشنطن، لا سيما أن الأمر كان من الممكن أن يكون أسوأ بكثير.
لم تحصل كييف على كل ما أرادته، لكن “الناتو” وافق على إعلان أن عضوية البلاد في نهاية المطاف أمر “حتمي” Inevitable، و”لا رجعة فيه” Irreversible. وهو تحديث لإعلان قمة العام الماضي في ليتوانيا الذي ترك القادة الأوكرانيين غاضبين من عدم التزام الحلف، بينما كانوا يناضلون ضد روسيا.
ومع ذلك، لا يزال القادة يطالبون بمزيد من الطائرات المقاتلة، والمزيد من أنظمة الدفاع الجوي، وتدريب الطيارين بشكل أسرع، والتخلص من قيود الضرب داخل الأراضي الروسية. وقد أضاف شبح عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض جوا من عدم اليقين إلى الإجراءات برمتها، ما ترك حتى الأيدي الأجنبية المتمرسة لتخمين ما يمكن أن يفعله الرئيس السابق إذا فاز في نوفمبر.
لكن، في الوقت الراهن، الأوكرانيون مستعدون لتحقيق الفوز.
وقال البرلماني الأوكراني يغور تشيرنيف، الذي شارك في القمة: “إن الأمور أفضل مما كانت عليه بعد قمة العام الماضي في ليتوانيا”.
لم تكن هناك فرصة لدعوة كييف رسميا لتصبح العضو الثالث والثلاثين في التحالف أثناء وجودها في واشنطن، حيث تم إخبار القادة في كييف منذ فترة طويلة أنه لن يتم توجيه دعوة هذا الأسبوع. لكن الوعد الذي حصلت عليه كان نتيجة لأشهر من المشاحنات المثيرة للجدل داخل التحالف الذي يكذّب المسار الصعب الذي تنتظره كييف، حتى لو استمر الغرب في الحفاظ على تدفق الأسلحة.
يتابع تشرنيف: “لا رجعة فيه، حسنا. لكنها ليست دعوة بعد”.
ومع استمرار الحرب بما يرقى إلى مأزق مميت، تغيرت التوقعات، وأصبحت الحاجة إلى المزيد من أنظمة الدفاع الجوي وغيرها من الأسلحة أكثر إلحاحا لصد الضربات الروسية التي لا هوادة فيها بصواريخ كروز والصواريخ الباليستية وهجمات المشاة المستمرة عبر خطوط المواجهة.
وقالت وزيرة الخارجية الفنلندية إيلينا فالتونين في مقابلة: “إن الأمر الأكثر أهمية الآن بالنسبة لأوكرانيا هو أن نرسل لهم الذخيرة وأن نرفع القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على استخدام أسلحة تم التبرع بها كالصواريخ بعيدة المدى داخل روسيا”.
وتابعت فالتونين: “عندما يتعلق الأمر بالصياغة المحددة لانضمام أوكرانيا إلى (الناتو) في نهاية المطاف، يعلم الجميع أن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها على أي حال، لذلك لا أعتقد أننا يجب أن ننفق الكثير من الوقت للتفكير في الصياغة فيما يتعلق بهذا، لكن التركيز يجب أن يكون على تسليم الإمدادات”.
وقد أعرب الدبلوماسيون في القمة عن ارتياحهم للغة التي تسمح لحلف “الناتو” بتقريب أوكرانيا قليلا، لكن لم تكن هناك رغبة كبيرة في إطلاق الطريق نحو العضوية الكاملة في أي وقت قريب، حتى من الدول الواقعة على طول الجبهة الشرقية للحلف، حيث تعارض روسيا حلف “الناتو”، وحيث أصبح الخطاب المعادي لروسيا والمؤيد لأوكرانيا على أشده هناك.
وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي في مقابلة: “أتفهم طموح أوكرانيا ورغبتها في أن تصبح عضوا كامل العضوية في حلف (الناتو)، لكن يجب عليهم أيضا أن يكونوا واقعيين بشأن الوضع الراهن”. وأضاف: “إنهم الآن في حرب واسعة النطاق، لذلك أعتقد أن الصياغة التي تقول (عندما يحين الوقت المناسب) جيدة، وبينما أود أن أرى أوكرانيا في حلف (الناتو) غدا، إلا أنه يجب أن نكون واقعيين”.
وسيتم تعزيز القوات الأوكرانية بمزيد من الأسلحة الأمريكية بعد أن وافق الكونغرس على حزمة المساعدات البالغة 60 مليار دولار في أبريل، ومع وصول أسلحة جديدة من عدة دول أوروبية. وتقدر أوكرانيا أنه في حين أن عجز المدفعية خلال فصل الشتاء كان 20:1 لصالح روسيا، فقد انخفض هذا العجز إلى نسبة 5:1.
وقد شكلت القمة هذا الأسبوع أيضا قيادة جديدة لحلف “الناتو” في ألمانيا، والتي ستتولى تنسيق تدفقات الأسلحة إلى أوكرانيا، وضمان التسليم السريع للأسلحة الموعودة، ما يضيف وظيفة التنسيق، التي تشتد الحاجة إليها، بين الطبيعة المتخصصة للتعهدات الخاصة بكل دولة على حدة. وسيضع الحلف أيضا سفيرا في كييف، ما سيقرب البلاد تحت مظلة “الناتو”، حتى بدون عضوية رسمية.
كذلك جاءت المبادرة التشيكية الرامية إلى إقناع دول الاتحاد الأوروبي بتمويل شراء ذخائر مدفعية من دول ثالثة بثمارها، حيث وصلت 50 ألف قذيفة شهريا، ومن المتوقع وصول نحو 500 ألف قذيفة بحلول نهاية العام.
لكن هذه المساعدات لا يمكنها أن تفعل الكثير إلا في مواجهة الثقل الساحق لهجمات المشاة الروسية، حيث تضطر القوات الأوكرانية إلى استخدام الذخائر لوقف الهجمات المستمرة، لكن هذا التحرك ذهابا وإيابا لا يحقق سوى القليل من المكاسب لأي من الجانبين، برغم إحراز الروس بعض التقدم في بعض النقاط الرئيسية.
وقال أحد دبلوماسيي “الناتو”، الذي شأنه شأن الآخرين منح عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن وضع حساس: “سوف تستمر أوكرانيا في الحصول على الإمدادات والأسلحة من الغرب التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، وأعتقد أنهم تمكنوا من تحقيق الاستقرار على الجبهة، لكن من الواضح أن بقاء الحرب في حالة جمود لبقية هذا العام هو ما نتوقعه”.
وأعرب دبلوماسي آخر في “الناتو” عن إحباط مماثل من القيود التي فرضتها إدارة بايدن على أوكرانيا، ملاحظا أنه وبرغم من أن “الأوكرانيين اكتسبوا الآن الكثير من المزايا مع أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش، وأنها ستؤدي إلى إضعاف القدرات الروسية، إلا أنه من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى أي اختراق جدي، خاصة إذا تم منعهم من استخدام هذه الأسلحة ضد أهداف عسكرية روسية داخل روسيا”.
وكان عدد من الزعماء مصرين على تكلفة عدم دعم أوكرانيا في دفاعها عن نفسها، مهما كان الإحباط الذي قد ينشأ بشأن مدى سرعة حدوث ذلك.
تتابع فالتونين من كندا: “تلك ليست كليشيهات، إنها الحقيقة. الأوكرانيون يقاتلون من أجلنا. ونحن ببساطة لا نستطيع أن نخذل هؤلاء الناس”.
المصدر: بوليتيكو