حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
على الرغم من ان مهمة الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني التي تحظى بغطاء اميركي وكذلك بدعم من سائر اعضاء اللجنة الخماسية، فانها حتى هذه اللحظة لم تستطع ان تحدث اي تحوّل او تبدل في مواقف الاطراف اللبنانية في ما خص الاستحقاق الرئاسي، لا بل ان هذه المهمة المحاطة بتكتم شديد الى درجة ان بعض المسؤولين ليس لديهم علم ما اذا كان جاسم بن فهد في بيروت ام لا، ما تزال تدور حول نفسها، حيث لم يبرز اي استعداد ولو ضئيل لدى هذه الاطراف السياسية للالتقاء حول اسم معيّن لرئاسة الجمهورية، وهو الأمر الذي يُعطي اشارة سلبية تبنى عليها فرضية الفشل الحتمي للمسعى القطري، الا اذا ظهر في آخر لحظة ما ليس في الحسبان وقلبَ المواقف رأساً على عقب.
والملاحظ الى الآن أن المسعى القطري، المنسق مع الاميركيين ، ولا يمانعه السعوديون، ولا يزعج الفرنسيين، لا يبدو انه يتمتع بقوة الدفع اللازمة التي تمكّنه من احداث الخرق المطلوب في الجدار الرئاسي، وهو وضع مُشابه للمبادرة الفرنسية، التي ستتحرك مجددا في النصف الثاني من هذا الشهر مع عودة الموفد الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون جان ايف لودريان الى بيروت الذي ربما ينهي جولته الرابعة على قاعدة “اللهم اني قد بلغّت”، ويفسح في المجال للموفد القطري لكي يجّرب حظه.
واذا كان هناك من القوى السياسية تحكم مسبقاً على التحاق المبادرة القطرية بالمبادرة الفرنسية لناحية الفشل، فان مصادر سياسية تؤكد ان الموفد القطري لم يتحرك جديا بعد، وهو ما زال في طور جس النبض حول التوجه الى “الخيار الثالث”، كما انه ينتظر الى ما ستؤول اليه مساعي لودريان قبل ان يخرج ما في جيبه من مقترحات للخروج من الازمة.
ولم تسبعد المصادر ان ينتهي الامر بالموفد القطري الذي لمس ان كل الابواب في الداخل اللبناني مقفلة، ان يطرح فكرة عقد مؤتمر دوحة 2، من دون ان يعني ذلك مس باتفاق الطائف كما تحاول اطراف لبنانية تسويقه، لانه لو كان من الممكن ذلك لكان حصل في مؤتمر الدوحة واحد، ثم كيف يكون هناك خطر على الطائف والمملكة العربية السعودية المتمسكة بهذا الاتفاق تدعم المسعى القطري.
وتكشف المصادر ان الموفد القطري سيحاول طرح افكار تساهم في معالجة الاوضاع الاقتصادية مقابل الاتفاق على انتخاب رئيس، ومن بين هذه الافكار وضع الدوحة وديعة كبيرة في البنك المركزي من شأنها ان تساعد لبنان على الحد من التدهور الحاصل في عملته الوطنية، وهذا المقترح قد يتضمن ايضا مجيء مستثمرين قطريين الى لبنان للاستثمار في اكثر من قطاع وهذا إن حصل ينشط الدورة الاقتصادية، سيما وان نتائج التنقيب عن النفط ستبدأ بالظهور الشهر المقبل.
وتنفي المصادر ان تكون قطر متمسكة بإسم معين للرئاسة في لبنان وان تأييدها لقائد الجيش ينتهي عند اتفاق اللبنانيين على اسم ثالث، بعد ان تبين ان هناك سداً داخلياً منيعاً امام وصول اي اسم من الاسماء التي تم تداولها وطرحت في جلسات الانتخاب التي حصلت، مشيرة الى ان هناك سلة من الاسماء ستوضع على الطاولة وسيصار الى سحب كل اسم لا يلقى قبولا من اكثر من جهة، ومقاربة الاسم الذي تتقاطع حوله اكثرية الاطراف، وربما يكون هذا الاسم من خارج نادي المرشحين التي يتم تداولها.
في مقابل ذلك فان مصادر اخرى ترى انه بات من المسّلم به ان الاستحقاق الرئاسي لن يخرج من دائرة المراوحة، ما لم تدخل واشنطن وطهران مباشرة على خط المساعي الآيلة الى انتخاب رئيس، وهذا لن يحصل الا بعد حصول تفاهم بين الطرفين على الملف النووي. والى ان يحصل ذلك فان الشغور الرئاسي سيبقى مستوطنا في قصر بعبدا، وسط محاولات خارجية وتحديدا فرنسية وقطرية ستكون معقدة.
وتعتبر المصادر ان الملف اللبناني هو من ضمن الملفات في المنطقة التي تحتاج الى تسوية كبرى ، ولذلك فان هناك مشاكل تعتبرها دول القرار اكثر اهمية من الازمة الرئاسية وهي بفعل ذلك وضعت الازمة في لبنان في السطر الاخير من اجندة اهتماماتها وان كل ما يحصل الان مجرد تقطيع وقت الى حين صعود الدخان الابيض ايذاناً بتفاهم اميركي- ايراني على الملف النووي وهذا قد لا يحصل قبل مرور اشهر من العام المقبل، الا اذا حدثت معجزة ما ودحضت هذه التوقعات.