أبرزرأي

المناورات الإيرانية وطبيعة الصراع الدولي

كتب ناصر العبدلي في صحيفة القبس.

أثبتت الجمهورية الإسلامية في إيران، خلال السنوات الماضية، أنها الأكثر قدرة على فهم طبيعة الصراع الدولي، وخاصة في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وإقليم الخليج، فها هي تناور برشاقة تلفت الأنظار وتجني المكاسب من خلال تلك المناورة، رغم أن المنطقة والإقليم سريعي التحول والتغير وبحاجة إلى من يراقب التحديات بعمق ويكون قادراً على الاستجابة لتلك التحديات.
الثورة الإسلامية في إيران تبنت منذ يومها الأول القضية الفلسطينية وضرورة إزالة هذا الكيان «اللقيط»، وربما لا أكشف سراً أنها وضعت هذه القضية في أعلى أولوياتها، ومنذ ذلك الوقت وهي تعمل جاهدة على وضع هذا الموقف موضع التنفيذ، وقد دعت في أول أيامها «زعامات» منظمة التحرير الفلسطينية، لكنها اكتشفت في ذلك الوقت المبكر أن أولئك لم يكونوا مشروعاً جاداً.

في المقابل، كان هناك مشروع عملت عليه بعض الأنظمة العربية المتعاقبة يقضي بتسويق القضية الفلسطينية على أنها قضية عربية بحتة رغم أنها تتضمن أهم مقدسات المسلمين (المسجد الأقصى)، وقد تطور ذلك المشروع تجاه نزع هذه القضية من محيطها العربي أيضاً لتكون قضية تخص أهلها (أهل غزة والضفة الغربية)، حتى تتبرأ منها مع مرور الوقت تمهيداً لدفنها، وقد وصلت التطورات فعلاً إلى تلك المرحلة عندما أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني عن مشروع يبدأ من الهند ويصل إلى ميناء حيفا في الأرض المحتلة.

إيران استبشرت بالمولود الجديد في قطاع غزة (حركة المقاومة الإسلامية) ورأت فيه مشروعاً جاداً للجهاد والتحرير، وقد عملت على التواصل معه رغم الصعوبات (طروحات بعض أعضائها) لأن الهدف أسمى، حتى أثمرت تلك الجهود التي بدأها الإمام آية الله الخميني رحمه الله في بدايات الثورة وهي بالكاد اشتعلت بالإنجاز التاريخي في السابع من أكتوبر العام الماضي، ولولا هذا الإنجاز الذي أطلق فعلاً قدرات الأمة لطويت القضية الفلسطينية.

هناك من ينظر بإعجاب إلى إيران كنموذج ملهم أثبت بما يدع مجالاً للشك قدرة في مواجهة التحديات والاستجابة لها رغم التضليل الإعلامي، فقد تمكنت بالصبر والعمل الجاد امتلاك القوة اللازمة لحماية نفسها، وهي بالوقت نفسه لم تبخل على الأمة بهذه القوة بل جعلتها حقاً إسلامياً كاملاً بدءاً من القضية الفلسطينية واستمراراً لبقية القضايا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى