
حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
لم يصل من نيويورك حيث تعقد الجمعية العامة للامم المتحدة الى بيروت ما يسر القلب، من الملف الرئاسي، الى النازحين السوريين، الى المساعدات الدولية، لا بل ان ما يتسرب الى المسؤولين في لبنان من معلومات من هناك لا يبعث على التفاؤل على الاطلاق. فعلى مستوى الاستحقاق الرئاسي لم يكن اجتماع “اللقاء الخماسي” مشجعا على الاطلاق، حيث دّب الخلاف بين بعض اعضاء هذا “اللقاء” الذي لم يستغرق اجتماعه لأكثر من نصف ساعة والدليل انه لم يصدر عن المجتمعين أي بيان، وبقي ما جرى طي الكتمان، وتركت معالجة ذيول التوتر الذي حصل بين ممثلي اميركا وفرنسا في الكواليس كي لا يزيد الطين بلة.
ووفق بعض المؤشرات ان التباين الاميركي ومعه السعودي مع فرنسا لم يكن جديدا فهو ظهر منذ ان اعلنت فرنسا عن تبنيها انتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مقابل ان تكون رئاسة الحكومة لنواف سلام، وهو قد استمر بالخفاء الى ان انفجر الخلاف بين هذه الاطراف امس الاول في نيويورك، مما وضع مصير “اللقاء الخماسي” من حيث الدول المشاركة فيه على المحك، حيث يقال ان فرنسا ربما تنكفئ عن هذا اللقاء، في حال بقيت الاجواء على ما هي عليه، سيما وان واشنطن طالبت فرنسا بتحديد مهلة زمنية لمبادرتها وهو ما استفز باريس التي يبدو انها بدأت تفكر جديا في مغادرة “اللقاء” من دون ان يعني ذلك ابتعادها عن مسألة الاهتمام بالوضع اللبناني.
وفي حال فعلت فرنسا ذلك فانه يتوقع ان تحل قطر محلها في “اللقاء” في حال لم يتحول الى رباعيا، سيما وان الدوحة اصبح لديها موفدا الى بيروت هو ابو فهد جاسم آل ثاني الذي يحمل الى المسؤولين اللبنانيين افكارا قطرية تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية.
ووفق مصادر متابعة وزارية ان الموفد القطري سيحاول العمل على تذليل العقبات التي فشل الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في تذليلها وهو سيعمل على إقناع الاطراف جميعهم بأن لا بد من الذهاب نحو اسم ثالث، قد يكون قائد الجيش العماد جوزيف عون، بعد ان بات من المسّلم به ان أي اسم من الاسماء التي طرحت لن يكون لأي منها الحظ في الصعود الى قصر بعبدا في ظل التوازنات النيابية التي تحكم مجلس النواب.
وقالت المصادر انه ليس معلوما ما اذا كان الموفد القطري يحمل اي مبادرة أو اي جديد في ما خص رئاسة الجمهورية، فموقف الدوحة معروف لجهة تحمسها لوصول قائد الجيش الى قصر بعبدا، وفي حال بقيت الاجواء على ما كانت عليه خلال وجود الموفد الفرنسي في بيروت، فهذا يعني اننا سنكون امام مرحلة جديدة من المرواحة، سيما وان كل ما ينقل عن “الثنائي الشيعي” والدائرين في فلكه لا يوحي بأن هناك تراجعا عن ترشيح سليمان فرنجية، كما ان الفريق الآخر ما زال يرفض دعوة الرئيس نبيه بري للحوار، وبذلك سنكون امام مشهد سياسي أشبه بحكاية “ابريق الزيت”.
اما على مستوى النازحين السوريين فان هذا الملف بدأ يبعث على الريبة ما اذا كان حوله قطبة دولية مخفية، بعد ان تيقن لبنان بأن هناك جهات دولية تعمل على تقديم المغريات للسوريين للمخاطرة والمجيء الى لبنان بحجة ان بامكانهم الخروج منه بحرا باتجاه اوروبا، وهذا بالتأكيد ليس صحيحا لان هؤلاء يساعدون بالوصول الى لبنان ومن ثم تتقطع بهم السبل لكي يبقوا فيه لغايات دولية باتت مشبوهة، في ظل الصمت المطبق، وفي ظل الضغط الدولي للحؤول دون وضع خطة لعودتهم الى بلدهم، ويترافق ذلك مع تلويح بعض الدول وخاصة واشنطن بقطع المساعدات عن لبنان وفرض عقوبات على مسؤولين كبار فيه في حال القيام بأي خطوة تخالف توجهاتهم في ما خص النازحين، الذين باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على الوضع الامني في ظل حديث عن مداهمات لبعض المخيمات العائدة لهم ومصادرة اسلحة منها.