
حسين زلغوط خاص – رأي سياسي:
طرحت التطورات الميدانية خلال الساعات الماضية في الجنوب، خصوصا لجهة تجاوز العمليات العسكرية قواعد الاشتباك بين “حزب الله” واسرائيل، وحجم القوة التدميرية التي يستخدمها جيش العدو في أماكن سكنية مأهولة، جملة من التساؤلات حول ما اذا كان الوضع في الجنوب يتجه الى مزيد من التوتر بشكل يمكن أن تفلت معه الأمور من عقالها.
وقد شهدت الساعات الماضية اتصالات دبلوماسية من اكثر من جهة ، مع أكثر من مسؤول ، مستفسرة عن واقع الحال، ومحذرة في آن معاً من مغبة خروج الوضع العسكري عن السيطرة.
وفي الوقت الذي لم يتبلغ فيه هؤلاء أي تطمينات رداً على اسئلتهم واستفساراتهم، سمعوا كلاماً تكرر على مسامعهم أكثر من مرة ومن أكثر من مسؤول في أوقات سابقة، بأن لبنان ليس في وارد الذهاب الى حرب واسعة، وأن اسرائيل هي التي تحاول استدراجه، وفي حال كانت الدول مهتمة الى هذا الحد بعدم توسع الحرب، فما عليها الا الطلب من تل أبيب وقف هذه الحرب ، وتنفيذ مندرجات القرار 1701 بالكامل، وساعتئذٍ كل القضايا تصبح قابلة للنقاش.
ويلاحظ ان فرنسا من بين الدول الأكثر اهتماماً بالوضع في الجنوب، وهي تسعى للوصول مع الاطراف المعنية الى صيغة تهدئة مستخرجة من رحم القرار الأممي الذي تم التفاهم عليه في العام 2006، والذي على اساسه توقفت حرب تموز من ذاك العام ، ومن بين الأفكار التي تطرحها زيادة عديد الجيش في الجنوب وانتشاره الى جانب قوات اليونيفل على طول الحدود، مع التعهد بأنها ستزيد من دعم الجيش بكل ما يتطلبه ، غير أن هذا الطرح ما زال التعاطي معه من قبل المعنيين في لبنان ببرودة ، بمعنى أنه لم يوضع بعد بشكل فعلي على طاولة النقاش، وقد عبر وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنية بشكل واضح عن مدى انخراط بلاده في حل النزاع، بهدف تجنب حرب جديدة في لبنان، وهو اعتبر ان الوضع بات خطيراً، لكنه لم يبلغ بعد نقطة اللاعودة، وهذا الموقف للوزير الفرنسي جاء في اعقاب زيارة قام بها الى بيروت ويقال انه سلم المسؤولين اللبنانيين خلالها مقترحاً فرنسياً مكتوباً ومؤلفاً من عدة نقاط تشكل خارطة طريق لمنع خروج الحرب الدائرة عن السيطرة ، ويبدو ان هذا المقترح لم تفتح له الابواب لبنانيا على النقاش ، وقد تبلغ الوزير الفرنسي بأن كل شيء قابل للنقاش فور ما توقف اسرائيل الحرب على غزة وجنوب لبنان، علما ان المسؤولين في لبنان اعتبروا المقترح الفرنسي غير رسمي، وهو في الاساس قُدم اليهم غير مذيل لا بتاريخ محدد ولا بتوقيع من أي جهة فرنسية.
وربما ما قاله السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله في خطابه ما قبل الأخير ، كان رداً سلبياً غير مباشراً على المقترحات الفرنسية عندما قال أن الوفود الغربية تسعى الى التهويل على لبنان، وتحمل اليه أوراقاً تركز على حماية اسرائيل .
هذا الموقف للسيد نصرالله بتوقيته ومفرداته، جاء ليؤكد ما يقال بأن لبنان ليس في وارد النقاش بأي حلول لما يجري في الجنوب ، طالما الحرب مفتوحة على غزة، وهو ما فرمل حركة الموفدين الدوليين الذين زاروا لبنان في الآونة الاخيرة وتحدثوا بعنوان واحد ، انما بلغات متعددة، وهو يجب فعل أي شيء يوقف الحرب ويعيد أكثر من مائة الف مستوطن الى منازلهم على الحدود المتاخمة مع لبنان.
ويبدو ان الفرنسيين الذين يعيرون الوضع في لبنان من زواياه المختلفة باتوا يشعرون بعدم وجود أي حظوظ لهم في النجاح، لا هم نجحوا في احداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية، ولا هم نجحوا ايضاً في تسويق مقترحهم الرامي الى وقف النار في الجنوب.