رأي

المقاومة مستعدة لـ«السيناريوات كافة»: واشنطن تلوّح بسلاح العقوبات

واشنطن تلوّح بعقوبات مالية لضبط الفصائل في العراق، وسط تصاعد الهجمات واستعصاء ملف الانسحاب، واحتدام الصراع على السيادة والقرار الوطني.

كتب فقار فاضل, في الاخبار:

بغداد | لوّحت واشنطن، مجدّداً، بسلاح العقوبات ضد شخصيات ومؤسسات عراقية تعتقد أنها تدعم الفصائل المسلحة أو تتغاضى عن نشاطها، في إطار ما بات يُطلق عليه إستراتيجية «الردع الاقتصادي» التي تعتمدها الإدارة الأميركية لفرض وقائع جديدة على الأرض. ويأتي ذلك وسط استمرار الهجمات بالطائرات المسيّرة على مصالح حيوية، لا سيما في إقليم كردستان ومحيط المنشآت النفطية. وفي أحدث فصول هذا الاشتباك غير المباشر، يكشف مصدر حكومي رفيع المستوى، لـ«الأخبار»، أن «الإدارة الأميركية أبلغت الحكومة العراقية بشكل واضح أنها ستلجأ إلى فرض عقوبات على شخصيات ومؤسسات مالية تعتقد أنها تقدم دعماً مباشراً أو غير مباشر لبعض الفصائل المسلحة، في حال استمرار هجماتها بالطائرات المسيّرة على مصالح حيوية، خصوصاً في إقليم كردستان ومواقع نفطية في كركوك ونينوى». وقال المصدر إن «التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، أبلغ بغداد صراحة بأن أي فشل في ضبط استخدام الطائرات المسيّرة أو كبح الهجمات على الإقليم سيُقابَل بخيارات مفتوحة، تشمل إجراءات مالية صارمة، وقد تتطوّر إلى استهدافات دقيقة لمواقع ومخازن سلاح تعتبرها واشنطن غير شرعية».
وفي المقابل، يقلّل مصدر قيادي في أحد فصائل المقاومة من أهمية تلك التهديدات، قائلاً، لـ«الأخبار»، إن «الضغوط والعقوبات لن تثنينا عن هدفنا الأساسي، وهو إخراج قوات الاحتلال من العراق، خلال مهلة الشهرين التي تم إعلانها». وأشار إلى أن «الفصائل تتوقّع خطوات أميركية تصعيدية، سواء عبر العقوبات أو عبر تحريك أدوات أمنية، لكننا مستعدون لكل الخيارات، ولن نسمح بتكرار سيناريو الهيمنة الأميركية». وفي تعليقه على ذلك، يرى الباحث الأمني والسياسي، فاضل الموسوي، أن «الولايات المتحدة باتت تتعامل مع الفصائل كتهديد مباشر لمصالحها في العراق، وتحديداً في مناطق حقول النفط وخطوط التوريد. ولهذا، فإن العقوبات هذه المرة قد تشمل أفراداً نافذين في القطاع المالي أو شركات مرتبطة بعقود لوجستية يُشتبه في دعمها لبعض الأجنحة المسلحة». ويضيف الموسوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «واشنطن تُراهن على الضغط المالي لتقييد الفصائل، بدل الاصطدام العسكري المباشر، وهو ما يجعل التحذيرات الحالية أكثر جدية من السابق».
لكن في المقابل، لا يبدو أن الحكومة قادرة على الالتزام بمهلة الشهرين التي وضعتها الفصائل كموعد نهائي لإنهاء وجود قوات «التحالف». إذ يقول مسؤول حكومي، لـ«الأخبار»، إن «فكرة الانسحاب الكامل خلال هذه المدة غير واقعية، لا سياسياً ولا لوجستياً، خصوصاً مع ازدياد التحديات الأمنية الإقليمية والتخوّف من عودة نشاط داعش». ويضيف المسؤول أن «الحكومة تدرك أهمية التحالف في ملفَّي التدريب والاستخبارات، وحتى لو قرّرنا تقليص حضوره، فإن إنهاء وجوده بهذه السرعة سيكون على حساب استقرار جبهات عدّة، داخل العراق وعلى حدوده». وفي الإطار نفسه، يرى النائب جواد الياسري أن «التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على شخصيات أو جهات عراقية مرتبطة بالفصائل لا يمكن فصلها عن محاولات الضغط السياسي لتغيير مسار الحكومة في ملف العلاقة مع التحالف الدولي». ويشير الياسري، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «البرلمان يقف مع مبدأ إخراج القوات الأجنبية من العراق، لكن وفق جدول زمني واضح، يحفظ استقرار البلد ولا يسمح بفراغ أمني تستفيد منه جماعات الإرهاب أو المشاريع الخارجية». ويؤكد «أننا نرفض أي تدخل خارجي في الشأن العراقي، سواء عبر العقوبات أو غيرها، ونطالب الحكومة بالحفاظ على سيادتها وقرارها الوطني».
ويأتي التصعيد الأميركي في وقت يشهد فيه العراق انقساماً متزايداً حول مسألة السلاح، يجلّيه الفشل المتكرّر في تمرير قوانين ما يسمّى «حصر السلاح بيد الدولة». وفي حين تتكرّر الخروقات الأمنية، ولا سيما في بغداد والبصرة وديالى، وتُسجَّل معظمها ضد «مجهول»، معزّزةً انعدام الثقة العامة بمؤسسات الدولة، تتزايد المخاوف من انفلات أمني أوسع، إذا ما انفجرت العلاقة بين الفصائل والحكومة أو بين الأخيرة وواشنطن.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى