حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
كلما ارتفع منسوب التهديد الاسرائيلي بالويل والثبور وعظائم الامور ضد لبنان، فان هذا يعني والواقع الميداني في غزة لم يتغير قيد أنملة رغم حجم الدمار والمجازر التي ترتكب بحق المدنيين الابرياء، ان القيادتين السياسية والعسكرية يعيشون هاجساً من الخوف لم تألفها اسرائيل منذ ان أغتصبت فلسطين الى الان، وهذا الخوف ناجم عن كون ان هاتين القيادتين تشعران بأن المقاومة في لبنان في حال اتخذت القرار بالدخول الى الجليل ومنه ربما الى مناطق في العمق الاسرائيلي، فانه سيكون في مقدورها ذلك مهما كان حجم الآلة العسكرية التي ستستخدمها اسرائيل لمنع ذلك.
وفي المقابل فان “حزب الله” الذي يراقب مسار الحرب على غزة خطوة بخطوة، يلحظ ان مثل هذا العمل التي تهابه اسرائيل لم يأت أوانه بعد، اذ انه وفي اللحظة التي يشعر فيها محور المقاومة بأن حركة “حماس” في غزة هي في ضيق وان الخطر يتهدد وجودها، فان ساحات هذا المحور ستفتح النار على اسرائيل من كل حدب وصوب، وان ذلك سيكون بمثابة فتح ابواب جهنم، حيث ان هناك عمل عسكري لم تختبره اسرائيل لا في حرب تموز ولا في اية حرب خاضتها ضد بعض الدول العربية منذ ستينيات القرن الماضي.
وبما ان المقاومة في لبنان ترى انه من المبكر الكشف عن المستور، كون ان مجريات الحرب ما تزال ضمن التوقع، فانها على ما يبدو قررت في هذه الآونة ان تواجه الاسرائيلي في ما يسمى شمال اسرائيل على خطين متوازيين: الأول نفسي، والثاني تكتيكي.
على مستوى العامل النفسي فقد حققت المقاومة هدفها هذا بشكل فاق التوق، حيث وخلال بضعة أيام قليلة باتت غالبية المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان وتلك التي يمكن ان تطالها صواريخ المقاومة خالية من اي كائن بشري مدني، حيث ان هاجس الخوف وعملية اللعب بالأعصاب حملت سكان هذه المستوطنات الهرب الى العمق الاسرائيلي حيث يظنون انهم في مأمن من اي هجوم للمقاومة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فانه انتشر في داخل هذه المستوطنات قوات عسكرية وبذلك تصبح هذه القوى هدفا سهلا للمقاومة وهو ما خططت له وسعت اليه، ومهما حصل لا تكون المقاومة قد استهدفت مدنيين واسقطت من اسرائيل ورقة هذه الذريعة لتقصف في المقابل مناطق مدنية، وان كانت اسرائيل تقدم على هكذا خطوة بعذر وبلا عذر.
اما العامل التكتيكي وهو مهم للغاية فان المقاومة لجأت الى إصابة الاسرائليين بالعمى، حيث تقدم يوميا على تدمير الرادارات الموجودة على طول الحدود، كما انها ومن خلال فرق القناصة قضت على اهم شيء تعتمد عليه اسرائيل لمعرفة كل شاردة وواردة من الجهة اللبنانية وهو كاميرات المراقبة، وبذلك فان جيش العدو الاسرائيلي الذي اصبح هدفا سهلا لصواريخ وقذائف المقاومة لم يعد لديه القدرة على مراقبة تحرك المقاومة التي أزاحت من دربها أهم أجهزة يمكن ان تعيق دخولها الى ألمستوطنات متى ارادت ذلك، علما ان الأسرائيلي لجأ للتعويض عن ذلك باستخدام القنابل الفوسفورية لحرق الأحراش ظنا منها بأن أماكن تواجد عناصر المقاومة تصبح مكشوفة ويسهل ضربها.
ووفق المعطيات فان الحرب الدائرة الأن في غزة وعلى الحدود مع لبنان تتعقد يوما بعد يوم، وهي ربما تستمر لأشهر، في ظل غياب اي مسعى دولي للتهدئة حيث بات واضحا ان واشنطن ومعها الغرب يكررون التجربة الاوكرانية في غزة، فهم دعموا بكل قوة اوكرانيا للتخلص من روسيا، ويفعلون الشيء ذاته مع اسرائيل للتخلص من “حماس”، وهذا الامر بحسب المعلومات تتنبه اليه المقاومة وهي اوصلت رسائل الى من يعنيهم الأمر انه في حال تجاوزت اسرائيل بعملها العسكري الحدود وقامت بقصف العمق اللبناني سيقابله وعلى الفور ضرب العمق الأسرائيلي، بشكل كبير وعلى نطاق واسع، وستطال الصواريخ مناطق لا تضعها اسرائيل على الخارطة في المنطوق العسكري وهذا ما سيجعلها تحسب ألف حساب قبل ان تقدم على مثل هكذا خطوة.