خاصأبرزرأي

“المقاومة الشعبية”.. هل تكون ذريعة نتنياهو لضرب لبنان مجدداً؟

حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي:
يوم 26 كانون الثاني هو اليوم الذي لم تعمل له اسرائيل حساباً، وبقيت طيلة المدة التي سبقته تهدد الجنوبيين بعدم العودة الى قراهم الحدودية بعد انقضاء مدة الـ60 يوما لاتفاق وقف اطلاق النار، وتنشر صورا من باب التهويل كيف تقوم بسرقات مقتنيات المنازل وتفجيرها واحراقها، ولكن الطوفان البشري صبيحة انتهاء المهلة قلب كل المعادلات السياسية الداخلية والخارجية ومعها اسرائيل.
المشهد المذل لاسرائيل وهي تتراجع وتنسحب من القرى التي قالت انها ستبقى فيها شهراً اضافياً، بعد اصرار اصحاب الارض على المضي نحو بلداتهم، شكّل تحدياً لإسرائيل وإحراجاً للولايات المتحدة الأميركية التي تجاوبت مع طلب رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، تمديد مهلة الهدنة بذريعة أن لدى جيشه صوراً لوجود أنفاق ومخازن سلاح لـ “حزب الله” تفرض عليه تمديد المهلة للتخلص منها.
كما ان العودة السلمية للأهالي، بالتنسيق مع وحدات الجيش اللبناني المتمركزة عند مداخل البلدات، وقيام عناصر الجيش بتأمين غطاء للعائدين، أربك اللجنة الدولية المشرفة على تثبيت وقف النار، ولهذه الغاية سارع رئيسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز الى تبرير الذرائع الإسرائيلية، علما ان بمقدور الجيش تولي مواكبة التأكد من وجود أنفاق ومخازن سلاح للحزب لوضع اليد عليها كما هو وارد في الاتفاق.
وهنا يبرز السؤال هل عودة الأهالي ستوفر ذريعة لنتنياهو للانقلاب على الاتفاق والتعاطي معه كأنه لم يكن؟
مصدر سياسي بارز يؤكد في حديثه لموقع “رأي سياسي”، ان بامكان نتنياهو الانقلاب على اي شيء فهو معروف عنه عدم الإنصياع لأي قرارات كانت دولية او قضائية فكيف اتفاق مع لبنان، ولكن الامر الذي يمكن ان “يفرمله” هذه المرة ويحد من جنونه، هو ادراكه جيدا ان كافة الاهداف التي وضعها خلال عدوانه على لبنان انتهت، فهو قضى على العدد الأكبر من قادة المقاومة واغتال امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ودمر عدد كبير من مخازن الاسلحة للحزب، وهذه الأهداف كانت لديه بسبب الخروقات الأمنية للحزب والعملاء، اما اليوم ومع انكشاف العملاء واستعادة حزب الله عافيته وتعيين قادة جدد، بامكان حزب الله ان يقاتل كما قاتل عام 2006 وانتصر، والدليل انه رغم الحرب المجنونة ضده وضد بيئته لا يزال قوياً ولم تبتعد عنه جماهيره، وهذا ما اكدت عليه وسائل اعلام العدو أكثر من مرة.
ويشير المصدر السياسي، إلى أن لبنان لم يُستدرج للرد على الخروقات الإسرائيلية للاتفاق والتي وصلت الى 1350 خرقاً، وهذا ما اكده امين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال خطابه امس، مشيرا الى ان الحزب والمقاومة التزمتا بعدم الرد، على الرغم من انه في مرة من المرات فكر حزب الله بالرد، الا انه عاد وصبر بعدما تداول الحزب مع الدولة اللبنانية التي نصحتهم ان يصبروا قليلا.
ويرى المصدر ان هذا الالتزام من قبل الحزب، وتفلت اسرائيل من الاتفاق، يضع مصداقية الرئيس الاميركي دونالد ترامب على المحكّ للتأكد من مدى استعداده لتوفير الدعم للجنة الدولية لتطبيق الاتفاق، ومدى جديته بأنه صانع السلام في الشرق الأوسط، وعليه ان يضغط على اسرائيل للاستسلام والقبول بالأمر الواقع الذي فرضته عودة الأهالي الى الجنوب، وعدم التذرع بما حصل والقيام بالرد على الجنوبيين العزل على غرار ما يقوم به الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية من فلسطين المحتلة، بتحويل جنوب الليطاني إلى منطقة تتجدد فيها المواجهة على نطاق واسع مع حزب الله، وهو ما يفتح الباب على كل الاحتمالات، خصوصا بعد رفض الشيخ قاسم في خطابه أمس تمديد مهلة انسحاب جيش الاحتلال من جنوبي لبنان، و أنّ للمقاومة الحق بأن تتصرف بما تراه مناسباً حول شكل وطبيعة المواجهة وتوقيتها، خصوصا بعد تكريس معادلة “جيش- شعب- ومقاومة”، عبر الدخول السلمي للأهالي الذي قوبل بتأييد رسمي.
فالشعب هنا هو المقاوم ولم يعد فقط محصورا تحت تسمية بيئة حزب الله، وهذا الذي لم تحسب اسرائيل حسابه، ان من صنع حزب الله هو الشعب وليس العكس، وها هو يستعيد اليوم مقاومته الشعبية وهي ما تختبرها اسرائيل جيدا.
مشاهد عودة الجنوبيين تعيدنا بالذاكرة إلى شباط 1999، حيث شهدت بلدة أرنون حدثاً بارزاً في تاريخ المقاومة الشعبية ضد إسرائيل، حينها لم يكن الأمر مجرد احتجاج أو تظاهرة، بل كان انتفاضة طلابية قادها اكثر من 2000 طالب، وأزالوا الأسلاك الشائكة بأيديهم، واخترقوا الحواجز امام قلعة الشقيف أحد أهم المواقع العسكرية الإسرائيلية حينها.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى