المفاوضات مازالت متعثرة
كتب حمادة فراعنة, في “الدستور”:
ليس جديداً تصريحات واشنطن عن جولة مفاوضات الدوحة خلال يومي 15 و16 آب أغسطس 2024، حول موضوع حرب غزة، أنها حققت خطوات إيجابية، وتقترب من الاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لأن كل جولات التفاوض السابقة، أصدرت مثل هذه التصريحات من قبل الولايات المتحدة بالذات، على عكس الوسيطين القطري والمصري، كانا أكثر تحفظاً في التعبير ووصف ما تم إنجازه.
الوسطاء الثلاثة، لم يصدر عنهم كلمة فشل مفاوضات جولة الدوحة، التي تمددت إلى الأسبوع المقبل في القاهرة، فالقضايا الرئيسية الأربعة لم يتم التوصل إلى إتفاق بشأنها وهي:
1 – وقف إطلاق النار، 2- الانسحاب من قطاع غزة، 3- عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، 4- تبادل الأسرى، إضافة إلى توفير متطلبات الإغاثة من الغذاء والدواء، للجوعانين.
الأميركيون الأكثر حماساً للتوصل إلى اتفاق، وهذا يعود إلى دوافع الانتخابات الأميركية الرئاسية والنصفية لمجلسي الكونغرس يوم 5/11/2024، النواب والشيوخ، حيث يتطلع الحزب الديمقراطي لتحقيق إنجاز يتباهى به أمام الناخبين في مواجهة الرئيس المهزوم ترامب، الذي يتهم إدارة بايدن بالعجز والفشل، في الوقوف إلى جانب المستعمرة.
كما تسعى الإدارة الأميركية لقطع الطريق على توسيع حجم الصدمات في المنطقة العربية، وعدم التصادم الإقليمي مع إيران، مما يفرض التدخل الأميركي الأوروبي لصالح المستعمرة، ويفرض التدخل الروسي الصيني لصالح إيران ودعمها، ويتحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى صراع إقليمي وتدخلات دولية، لا مصلحة للأميركيين بها.
المستعمرة الإسرائيلية، وحكومتها وفريق نتنياهو الأئتلافي المتطرف من الحلفاء سموترتش وبن غفير ووزير الخارجية يسرائيل كاتس، لا مصلحة لهم في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لأن ذلك يعني انتقال حالة الفشل والاخفاق التي وقعوا بها بسبب عملية 7 أكتوبر وتداعياتها، إلى حالة الهزيمة، وهم يعملون لتجنبها، وعدم الوقوع بها، وتساعدهم على ذلك التدخلات الأميركية الأوروبية الذين استنفروا قواتهم وتدفقها إلى المنطقة بشكل غير مسبوق بهذا القدر والقيمة والعدد.
الفلسطينيون صمدوا لهذا الوقت رغم الخسائر الفادحة في البشر والممتلكات، ولكنهم لم ينتصروا بعد، وإذا تم وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فإن ذلك مؤشر على صمودهم ونجاحهم وانتصارهم، وهذا لا تريده الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة بالتأكيد المستعمرة.
الصراع على الأرض، وفي الميدان متواصل، والشراسة الإسرائيلية وجرائمها لم تتوقف، مقرونة بالصراع السياسي على طاولة المفاوضات، فالمفاوضات ونتائجها ستعكس ما تم تحقيقه في الميدان، في المواجهة على أرض غزة الباسلة الشجاعة التي تخوض معركتها، معركة الكرامة والحرية والاستقلال، ومعها، التضامن العربي، من قبل حزب الله اللبناني، وأنصار الله اليمني، وبعض الفصائل العراقية، ولا مصلحة لها في تدخل إيران بشكل أو بآخر، لأن نتنياهو هو الذي يسعى لتوسيع حجم الصدام، ليكون عنوانه صراع إسرائيلي إيراني، قافزاً عن جوهر الصراع على أرض فلسطين بين المشروعين المتصادمين المتناقضين: 1- المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة 2- المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وغير ذلك مجرد تداعيات سواء بالتضامن مع معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته، أو مع المستعمرة وأطماعها التوسعية الاحتلالية.
لن يُحل الصراع إلا على الأرض، داخل فلسطين وليس خارجها، مهما تأزمت التداعيات، فالأساس هو فلسطين لأن الصراع فيها وعليها، وتأثيرها على ما هو حولها.