المطران عبدالساتر في عظة الميلاد: رسالة لكل صاحب سلطان بأن سلطانه للخدمة لا للتسلط
احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبدالساتر بقداس عيد الميلاد، في كاتدرائية مار جرجس المارونية في بيروت، عاونه فيه الخوري جاد شلوق، في حضور المؤمنين.
بعد الإنجيل، ألقى عظة قال فيها: “فولدت ابنها البكر، وقمَّطته، وأضجعته في مذود، لأنه لم يكن لهما موضع في قاعة الضيوف”.
أضاف: “في الميلاد اختار يسوع ابن الله، ملك السماوات والأرض أن يولد فقيرا فيضجع في مذود. واختار، وهو الكلمة الذي به كون كل شيء، أن يولد طفلا يحتاج إلى حماية يوسف له وإلى عناية مريم به. هو العجيب والقوي والقدوس، أخلى ذاته من قوَّته وتنازل حتى الإمحاء وحمل آثامنا وعاهاتنا فصار منبوذا وخاطئا ملعونا معلقا على خشبة. في الميلاد اختار الرب أن يخلِّص الإنسان لا بالقوة وبالعجائب ولا بالاستقواء وبالنفوذ لذلك أضجع في مذود. لم يعمل الآيات منذ مولده ولم يحط نفسه بفيالق الجنود السماويين ولم يولد بين سلاطين هذا العالم. سلك طريق الحب الوديع، طريق عبدالله الذي لا يماحك ولا يصيح ولا يطفىء فتيلا مدخنا. سار درب الأب الذي يقبل انسلاخ ولده عنه بألم وصمت، وينتظر عودته بألم وصمت، ويفرح برجوعه من دون محاسبة ولا قصاص”.
وتابع: “الميلاد هو رسالة إلى كل صاحب سلطان بأن سلطانه هو للخدمة وليس للتسلط وإن أساء استعماله فهو دينونة عظيمة له. الميلاد هو رسالة إلى كلِّ من يستقوي على أهله متكلا على سلاحه أو على أزلامه أو على الخارج بألا يستقوي لأنَّ الحبَّ وحده هو الأقوى وأن ما يناله بالمحبة هو أبقى مما ينتزع بالقوة. وليتعظ من الأمبراطوريات التي زالت ومن الحكام الذين تحولوا إلى ذكرى سيئة في كتب التاريخ. الميلاد هو رسالة إلى كل من هو قلق من الأيام المقبلة بأن لا يقلق لأن مستقبله سيكون جيدا حتما، إذ هو سيعيشه مع الرب المخلص وضمن جماعة الإخوة والأخوات في المحبة. الميلاد هو رسالة إلى كلِّ من هو خائف على مصير المسيحيين في لبنان والمنطقة بأن يتشجَّع لأنه إن كان الله معنا، وهو حقا معنا عمانوئيل فمن علينا. يجب ألا ينسى أننا على مدى تاريخنا احتملنا الاضطهاد والموت ولم تقو علينا أبواب الجحيم بل صمدنا في بلادنا، في أعمق الوديان وعلى أعلى القمم”.
وختم: “فلنفرح في هذا العيد على الرغم من الضيقة الاقتصادية والفوضى الإدارية والفساد المستشري لأن الله صار إنسانا ونحن بتجسده وموته وقيامته نصير آلهة. ولد المسيح، هللويا!”