المسعى إلى الرئاسة بتطويع بكركي؟
كتبت روزانا بومنصف في “النهار”
اختلطت التهم في موضوع توقيف #المطران موسى الحاج على معبر الناقورة بين مسؤولية العهد والمحيطين به في توترهم المتصاعد ازاء انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون والرغبة اليائسة في محاولة الامساك باوراق اخيرة تبقي على نفوذهم في السلطة ، وبين مسؤولية ” حزب الله” الذي لا يعتقد كثيرون انه في وارد الاستكانة لاي خسارة له محتملة في موقع الرئاسة المقبلة والعودة الى ما يشبه وضعه ابان ولاية الرئيس ميشال سليمان. موضوع الرئاسة الاولى هو الذي على المحك استنادا على الاقل الى عامل التوقيت وهو من بين اهم العوامل الراصدة لتوجيه هذه الرسائل وتعميم الفوضى فيما ان تطويع بكركي لا بل السعي الى توجيه اتهامات بالعمالة وخدمة الاسرائيليين كافية من حيث انقسام الرأي العام على ذلك واجبارها على الخضوع للمعايير التي يفرضها فريق سياسي معين سواء بتغطية من الرئاسة المسيحية التي ساهم في وصولها او بتجاوز لها في ايامها الاخيرة وقد اصبح فريقها السياسي كليا طوع بنانها في ظل اختناق سياسي داخلي وخارجي لا يفكه الاستعانة بوزير خارجية المجر بيتر سيارتو لا سيما في ظل تموضع بلاده الى جانب حرب روسيا على اوكرانيا . ولا احد يقبض الاجراءات في كل الاتجاهات التي جرت في الايام الاخيرة على انها اجراءات قضائية بل اجراءات سياسية على غرار المطالبة التي تصاعدت بحل المحكمة العسكرية فيما ان الاداء المتزامن للقاضية غادة عون واقتحامها المصرف المركزي من خارج صلاحياتها والمعيار القضائي المفترض وتعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وسواها الكثير بات يؤدي الى خلاصات حاسمة بضرورة نسف القيادة القضائية برمتها لعدم جواز صمتها المريب والعجز القاتل او المستسلم ، حتى لو كانت اراء هذه القيادة مماثلة للرأي العام السائد ازاء تفاعل الامور ، جنبا الى جنب مع اقفال معاهد الدروس القضائية الذي وحسب قضاة ومحامين من اهل البيت بات يخرج ضباطا وليس قضاة استنادا الى منهجية متكاملة وخاطئة كليا فيما ان دور وزير العدل معدوم وموال ومن دون اي حضور يذكر .
الرسالة الى بكركي ارتبطت بقوة بتحديده في عظاته الاخيرة المواصفات المطلوبة للرئيس المقبل فيما ان مواقفه السابقة المتصلة بالحياد او بالمؤتمر الدولي او باللامركزية الادارية باتت تعود لسنوات وليس لاشهر فحسب . وعلى عكس ما سرى عن اتصال اجراه رئيس الجمهورية بالبطريرك الماروني لهذه الغاية، فان لا اتصال فعليا حصل بينهما فيما ان احد مستشاري رئيس الجمهورية اتصل بالبطريرك معربا عن الاستنكار وانزعاج الرئيس مما حصل وانه يمكن للبطريرك التأكد من انزعاج الاخير اذا تحدث معه. وهو ما رفضه البطريرك الذي يذكر البعض انه عارض مرارا وتكرارا استهداف حاكم المصرف المركزي رياض سلامه في اطار تحميله وحده مسؤولية الانهيار على عكس ادبيات رئيس الجمهورية وفريقه والملاحقات المفتعلة للقاضية غادة عون. البعض يذكر في هذا الاطار بما ذهبت اليه العلاقة بين هذين الجانبين في ايام البطريرك الراحل مار نصرالله صفير والتعرض له مباشرة على خلفية التناقض الحاد في المواقف ورغبة عون انذاك في احتكار اي موقف سياسي يتصل بالمسيحيين . وهو موقف لا يعتقد انه تغير على رغم مرور اعوام طويلة فهل يراد القول انه لا يجوز الاستماع او الاخذ بالمواصفات التي يحددها البطريرك لانتخاب الرئيس المقبل نظرا الى عجزه عن حماية مطاردته والدفاع عنهم او تحذيره بان الامور يمكن ان تسلك سلوكا اتهاميا كما في استحضار اتهامات العمالة لاسرائيل ؟
وينبغي الاقرار بان كثيرين اربكهم حجم الاموال التي ينقلها المطران الحاج ولو من زاوية انسانية ، والتنصل الذي اكده البعض يندرج من ضمن هذا الاطار، لا سيما انها لا تخص افرادا مسيحيين فحسب من دون ان يعني ذلك القبول بالمس به باي طريقة لا سيما ان المسألة كان يمكن ان تثار مع بكركي مباشرة لو ان المسألة لا تخفي توجيه رسائل سياسية في هذا الاتجاه . والكباش المسيحي المسيحي متوقع في موضوع الرئاسة على خلفية عدم رغبة الفريق العوني الاستسلام لانعدام فرصة جبران باسيل في الرئاسة المقبلة وذهاب عون الى بيته مثقلا بالانهيار الكارثي في عهده وبارث سياسي معرض للانهيار بدوره فور انتهاء رئاسته . وذلك علما ان ليست المواصفات التي يحددها البطريرك هي التي تمنع وصول رئيس التيار العوني الى الرئاسة فيما انه قد يكون المرشح الافضل بالنسبة الى ” حزب الله” ، بل عدم قبوله من اطراف الداخل على رغم وجود اقتناع لدى البعض من فريقه بان التوافق الخارجي قد يفرضه اذا تم توفير الظروف لذلك كما فرضت مرحلة ٢٠١٦ وظروفها انتخاب العماد ميشال عون . ولكن لا التجربة الرئاسية خلال الاعوام الماضية التي كان لباسيل حصة الاسد في ممارستها عملانيا ولا مقارباته الشخصية والسياسية تسمح بقبوله عربيا ودوليا على حد سواء الى جانب رفضه داخليا على نحو لا يمكن للحزب تحمل مسؤولية فرضه كما فعل مع الرئيس عون لا سيما في ظل الانهيار وتداعياته. وينبغي الاقرار بان تجربة 1989 تظلل الاشهر الاخيرة للعهد من حيث خشية كثر وفي ضوء الفوضى القضائية التي تم نشرها في الايام القليلة الماضية من خوض معارك على جبهات عدة تثير الفوضى وتساهم في تفكك البلد وتحلل مؤسساته اكثر من اجل فرض او تحقيق اهداف الرئاسة المستحيلة .
في اي حال فان المغامرات القضائية الاخيرة كلها اتت بنتائج عكسية ومشاركة اعلام ” حزب الله” في توظيف توقيف المطران الحاج على خلفية اتهامات بالعمالة لإسرائيل تزيد من التشدد ازاءه في الرئاسة وسواها .