اقتصاد ومال

المستثمرون الأميركيون أول ضحايا قيود بايدن على الصين.

تصعد الولايات المتحدة حربها الاقتصادية مع الصين، ربما أكثر مما فعلت الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترمب الذي اتهم بقيادة سياسة حمائية مع شركاء أميركا التجاريين، إلا أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن تعزز إجراءاتها منذ نحو عامين بغرض “فك الارتباط” التجاري والاستثماري مع الصين.

يضر التنافس بين أكبر اقتصادين في العالم بأطراف أخرى، لكن الضرر الأكبر يقع على البلدين المعنيين، ومع أن الاقتصاد الصيني يبدو الأكثر تضرراً، ليس فقط لأنه يحتل المرتبة الثانية عالمياً، بينما اقتصاد أميركا هو الأكبر، لكن لأنه ربما لا يتمتع بالمرونة التي يتمتع بها نظيره الأميركي.

وعلى رغم الحوافز التي تقدمها الإدارة الأميركية للشركات والأعمال للخروج من الصين ونقل أعمالها إلى الولايات المتحدة ومحاولة تطوير سلاسل توريد لا تعتمد على بكين، فهناك أضرار تعود أيضاً على الأعمال الأميركية، بخاصة صناديق الاستثمار.

ومنذ عام 2021، خسر المستثمرون الأميركيون فرصاً واعدة لتحقيق الأرباح نتيجة العقوبات والقيود التي تفرضها الإدارة الأميركية من ناحية، والإجراءات المقابلة التي تتخذها بكين تجاه الأعمال الأميركية من ناحية أخرى، فعلى سبيل المثال، استثمرت صناديق أميركية تعمل أساساً في أسواق الأوراق المالية الصينية ما يصل إلى 47 مليار دولار في عام 2021، قبل أن تتراجع تلك الاستثمارات إلى 2.4 مليار دولار العام الماضي 2022 ووصلت هذا العام حتى الآن إلى 2.8 مليار دولار، بحسب أرقام شركة “ديل لوجيك” لمتابعة صفقات الشراء في السوق.

خسارة الفرص

استباقاً لصدور أمر تنفيذي للرئيس بايدن قبل نهاية الأسبوع الجاري بحظر الاستثمار في قطاعات معينة في الصين، أعلنت عدة صناديق عن تقليص استثماراتها في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ومنها شركة “سيكويا كابيتال” للاستثمارات، وهي واحد من أكبر صناديق الاستثمار في الشركات التكنولوجية، إذ أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي، فصل فرعها في الصين عن الصندوق الأم في الولايات المتحدة وعن أعمالها في أوروبا، كما فصلت أيضاً أعمالها في الهند عن الصندوق الرئيس.

وهناك مستثمرون أميركيون كثيرون أسسوا شركات ناشئة في الصين، بخاصة في قطاعات التكنولوجيا المختلفة للاستفادة من فرص تطور القطاع في البلاد.

وتنقل صحيفة “فايننشال تايمز” عن مستثمر أميركي أسس شركة ناشئة في شنغهاي تعمل في مجال أشباه الموصلات قوله “بعد الإعلان عن القرار (الأمر التنفيذي للرئيس بايدن بحظر الاستثمار) قررت نقل الفريق خارج الصين، في الأقل جزء من فريق العمل، وإلا سيصبح تمويل الأعمال محدوداً جداً”.

يستهدف القرار الأميركي حظر الاستثمار بالصين في مجالات تكنولوجية عدة مثل حوسبة الكم (كوانتم كومبيوتنغ) والرقائق الإلكترونية المتطورة والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات بغرض منع الصين من الوصول إلى التمويل الأميركي والتكنولوجيا لتطوير قدراتها التكنولوجية والعسكرية، وبالطبع ستتضرر من هذا القرار شركات استثمار وصناديق خاصة أميركية كبرى مثل “جنرال أتلانتيك” و”واربورغ بينكس” و”كارلايل غروب”، بعدما ضخت تلك الشركات والصناديق المليارات من الاستثمارات في السوق الصينية مستفيدة من طموح بكين لتصبح قوة تكنولوجية عظمى ما يحقق أرباحاً طائلة لتلك الاستثمارات الأميركية.

أما الآن، وكما يقول مستثمر أوروبي في مقابلة مع الصحيفة، فإن “حقبة استثمار شركات التمويل وصناديق الأسهم الأميركية في الصين قد انتهت”، إلا أن هناك عشرات من صناديق الاستثمار الأميركية ما زالت تستثمر في الصين أو تحتفظ بحصص أسهم في شركات صينية، منها “جي جي في كابيتال” و”جي أس آر فينشرز” و”والدن إنترناشيونال” و”طوالكم فينشرز”، والتي أعلنت لجنة من الكونغرس الأميركي تحقق في الاستثمارات الصينية الشهر الماضي أنها ستفحص استثمارات تلك الصناديق.

الذكاء الاصطناعي

يستهدف القرار الأميركي حظر الاستثمارات الأميركية في القطاعات التكنولوجية التي تساعد الصين على تطوير قدرات معينة، إلا أن تضمين القرار أيضاً حظر الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي يعني حرمان الشركات والصناديق الأميركية من فرص هائلة في الصين، فالذكاء الصناعي يدخل الآن في صناعات كثيرة في قطاعات مختلفة وليس قاصراً فقط على قطاع التكنولوجيا.

وتقول شركة المحاماة “موريسون فورستر” إن “الذكاء الاصطناعي أصبح في كل مكان وأغلب استخداماته مزدوجة أو حتى متعددة الأغراض. لا يمكن حصره في قطاع بعينه الآن”.

إضافة إلى الضبابية المحيطة بحظر الاستثمارات الأميركية في الذكاء الاصطناعي في الصين، هناك بند آخر يوسع القلق من تأثيرات القرار، إذ يشمل الحظر “الشركاء محدودي المسؤولية”، ويعني ذلك أن الحظر ينسحب على غير صناديق الاستثمار وشركات التمويل، وربما يطاول أيضاً صناديق معاشات التقاعد التي تضع أموالها في صناديق الاستثمار الخاصة وشركات التمويل لتحقيق عائدات ثابتة منتظمة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى