المركزي الصيني يتدخل مجددا لإنقاذ العملة من الهبوط.
واصلت الأسواق حول العالم التراجع في مؤشراتها الذي بدأ مع مطلع الأسبوع على خلفية الأخبار السلبية المتتالية من بكين في شأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأنهت مؤشرات الأسهم في أسواق آسيا ثالث أسبوع من التراجع في آخر تعاملات الأسبوع اليوم الجمعة مع زيادة المخاوف حول ضعف الاقتصاد الصيني، وأنهى مؤشر “إم أس سي آي” لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ تعاملات اليوم منخفضاً بنسبة 0.6 في المئة بعدما وصل إلى أدنى مستوى انخفاض في تسعة أشهر أمس الخميس ليفقد المؤشر المجمع للأسهم الآسيوية نحو 3.4 في المئة من قيمته هذا الأسبوع.
إلى ذلك هبط مؤشر “نيكاي” في بورصة طوكيو بنسبة 0.5 في آخر أيام أسبوع التعامل، لتصل خسائره الأسبوعية إلى 3.1 في المئة، كما هبط مؤشر الأسهم الصينية (سي أس أي 300) بنسبة 0.5 في المئة، أما مؤشر “هانغ سنغ” في بورصة هونغ كونغ فخسر في تعاملات اليوم الجمعة نسبة 1.3 في المئة لتصل خسائره لهذا الأسبوع نسبة 5.2 في المئة، وهي أعلى خسائر أسبوعية لبورصة هونغ كونغ خلال شهرين.
وفي مؤشر يؤكد اتساع نطاق أزمة السيولة في الاقتصاد الصيني، انتقلت عدوى أزمة القطاع العقاري بشكل مطرد إلى القطاع المالي والمصرفي اليوم، إذ أبلغت شركة إدارة الأصول “جونغي” مستثمريها أنها في حاجة إلى إعادة جدولة ديونها.
الضغط على العملة
ومع توالي ظهور الأزمات تعرض الرينمينبي (اليوان الصيني) للضغط نتيجة عمليات بيع كثيفة للعملة الصينية، في غضون ذلك تدخل من البنك بنك الشعب (المركزي) الصيني للمرة الثانية خلال أسبوع لضبط السوق والحد من تأثير الأزمات التي تضرب القطاع العقاري، إذ حدد البنك اليوم الجمعة متوسط سعر صرف العملة الصينية عند 7.2006 رينمينبي في مقابل الدولار.
ويعد متوسط سعر الصرف بمثابة تثبيت لقيمة العملة عند نقطة لا يزيد ارتفاعه أو هبوطه عنها بأكثر من نسبة اثنين في المئة، وبحسب مسح لوكالة “بلومبيرغ” فإن متوسط سعر صرف العملة الصينية بحسب تقديرات المحللين هو عند 7.3047 رينمينبي للدولار.
جاء قرار البنك المركزي لدعم العملة بعد تعرضها لضغوط هائلة إثر قرار البنك المفاجئ الثلاثاء الماضي بخفض سعر الفائدة بمقدار 15 نقطة أساس إلى نسبة 2.5 في المئة، في محاولة من السلطات الصينية للتيسير على القطاعات المأزومة مثل القطاع العقاري والآن القطاع المالي.
وبعد قرار تثبيت سعر صرف العملة عند مستوى أعلى بدأت البنوك الرسمية الصينية في بيع الدولارات وشراء الرينمينبي لوقف هبوط سعره في السوق، وتعد الفجوة ما بين سعر الصرف المحدد من البنك المركزي الصيني وتقديرات السوق هي الأكبر منذ أن بدأت “بلومبيرغ” مسح تقدير سعر صرف العملة الصينية عام 2018.
ويدرك صناع السياسة النقدية الصينية في البنك المركزي أخطار استمرار هبوط سعر صرف العملة في مقابل الدولار في ظل خروج رؤوس الأموال من أسواق السندات والأسهم الصينية نتيجة المخاوف في شأن أداء الاقتصاد في ظل الأزمات المتتالية، وفي محاولة أخرى من البنك الصيني لتحفيز النشاط الاقتصادي بغرض منع احتمال هبوط نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي اضطر هذا الأسبوع إلى ضخ السيولة في السوق.
ووفر المركزي هذا الأسبوع خط ائتمان للقطاع المصرفي بقيمة 757 مليار رينمينبي (104 مليار دولار) في شكل سيولة قصيرة الأجل، إذ تعد تلك الحزمة أكبر عملية تحفيز وتيسير مالي منذ مارس (آذار).
ضبط الاقتصاد الكلي
كان البنك المركزي الصيني تعهد أمس الخميس بالعمل على “التوسع في كثافة ضبط السياسات المتعلقة بالاقتصاد الكلي”، وبحسب ما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن كبير الاقتصاديين في شأن الصين في بنك “غولدمان ساكس” الاستثماري الأميركي هوي شان فإن “البنك المركزي ربما يريد في الوضع المثالي خفض سعر الفائدة من دون هبوط سعر صرف الرينمنبي”، مستدركاً “إلا أنه مع ما نشهده من ارتفاع في قوة الدولار ومدى ارتفاع سعر الفائدة في الولايات المتحدة، لا يمكن القيام بذلك”.
وبعد قرار البنك المركزي وبدء البنوك الرسمية بيع الدولار في السوق بكثافة، ارتفع سعر صرف العملة الصينية الجمعة بنسبة 0.1 في المئة إلى 7.2825 رينمينبي للدولار.
وأضافت شان أنه “ما زالت لدى البنك المركزي الصيني أدوات يمكنه استخدامها لوقف الضغط على سعر صرف العملة، بما في ذلك فرض حد أقصى للإقراض بالدولار على البنوك الصينية”، لكنها استبعدت في الوقت نفسه أن يقدم البنك على استنفاد كل أدواته لأن ذلك سيعني استخدام احتياطاته الأجنبية مما يهوي بها إلى حدود دنيا.
هكذا تتوقع السواق استمرار تراجع سعر صرف العملة الصينية حتى مع التدخل من البنك المركزي، وتقول شان “يتعلق الأمر أكثر في تدخل المركزي الصيني بوتيرة انخفاض سعر صرف العملة، وحين يصل الهبوط إلى مستوى معين سيتصرف صناع السياسة النقدية بعصبية”.
وفي حال استمرار الأزمات وانهيار الشركات العقارية وانتقال العدوى أكثر للقطاع المالي، سيؤثر ذلك سلباً في فرص النمو، مما يهدد تحقيق نسبة خمسة في المئة وسط نمو للناتج المحلي الإجمالي المستهدفة من بكين، وهذا ما يثير مخاوف الأسواق بشدة من احتمال استمرار منحى الهبوط في الصين وتداعياته على الأسواق والاقتصاد العالمي ككل.