شؤون لبنانية

المرتضى: لا معنى للإنسان إلا بلقاء شريكِه في الوطن

دعا وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى، خلال رعايته إفتتاح مدينة الحرف في المدنية الكشفية في النبطية بدعوة من كشافة المهدي، الى “بناء وحدتنا الداخلية وانجاز استحقاقتنا الدستورية تمهيداً لاعادة التعافي الى مجتمعنا واقتصادنا”.

وأكد ان “علينا جميعاً أن نتذكّر نحن اهل المقاومة أن الإنتصار عندنا لم يقتصر على دحر الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمّة إنتصارا أهمَّ في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين اينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام، علينا أن نبقى المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخِر والحرص عليه. هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، لا سيّما ههنا في ارض الجنوب، أعطى الانتصار بعداً آخر، لأنه شكّل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب”، معتبرا “نحن كبيئة للمقاومة، ونحن كلبنانيين مسلمين ومسيحيين، بمقدار ما نصون وحدتنا ونثبت في عيشنا وأرضنا “.

وقال في كلمته: “لعلَّ أرقى المشاعر الإنسانية التي تعتملُ في قلبِ أيِّ فردٍ، شعورُه بمحيطه الاجتماعيِّ وبيئتِه الحاضنة، وعملُه على حمايتِهما وازدهارهما ولو على حسابِ جهده وشخصه. فالوحدانيةُ المغتنِيةُ بنفسِها ليست لغير الواحد الأحد تباركت أسماؤه الحسنى، أما الإنسان فلا معنى له ولا كُنْهَ وجودٍ إلا بلقاء الآخَر، أخيه في الدين أو نظيرِهِ في الخَلق أو شريكِه في الوطن، لقاءً يُشذّبُ من شطَطِ “الأنا” لمصلحة “النَّحن”، حتى يصيرَ ما يأتيه من عملٍ هادفًا إلى تحقيق الخير العام الذي يتحوّل بالضرورة خيرًا خاصًّا بكل فرد، وهذه هي الثقافة المدعوين نحن اللبنانيين لأن نعتمدها اذ فيها خلاصنا من الكثير من ازماتنا االنفسية  والبنيوية.”

​وتابع: “ولعلَّ واحدةً من أفضل المؤسسات التي تُدرِّبُ علىالتعاضد الاجتماعي، منظمةُ الكشّافة التي قوامُ نشاطِها الجماعةُ لا الفرد. هناك تتشابكُ الهممُ، وتُهَذَّبُ النفوسُ، وتتآلف العزائمُ، وتُنَمّى المواهبُ في خدمة المجتمع وإصلاحه وتحصينه.أيها الاحبّة، من الإيمان عندنا كمسلمين أنّ الإمام المهدي (عج) سوف يملأ الأرض مع السيد المسيح(ع) قسطاً وعدلاً وسلاماً ويبدّد الظلم والقهر والعدوان والى أن يأذن الله بذلك فإنّ الأجيال الطالعة يجب أن تمتلىء شغفاً بقيم الحقّ والعزّة والإنفتاح والتضحية، وهذا ما تجسّده حركنكم الكشفية أبهى تجسيد بإعتبارها تتميزُ بأنَّ أهدافَها تضمُّ أبعادًا ثلاثةً متكاملةً فيما بينها، هي الإيمانيُّ والوطنيُّ والإنمائي.”

​اضاف: “أما البعد الإيماني فمصدرُه الاقتناعُ بأن منظومة الأخلاق والقيم، إذا تدرّب عليها الكشّافُ وعمل على الترويج لها ونشرِها بين الناس بالقولِ والقدوة، فإنما يؤدي بذلك عبادةً لله تعالى. ذلك أن هذه المنظومة الأخلاقية التي تسودُ حياتنا اليوميةَ أرسَت أساساتِها التعاليمُ الدينية، وطورَتْها الممارسة النظرية والعملية على مر العصور. والتلاقي ما بين الدين والأخلاق الحميدة هو من جوهر الإيمان، وقد أكّده القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة شددت على الجمع الدائم بين الإيمان وعمل الصالحات. “

 واردف: “وأما البعد الوطني الذي يميز أيضًا نشاطكم الكشفي، فتجسيدٌ لمفهوم الانتماء إلى الأرض وناسِها انتماءً راسخًا، والالتزامِ بحمايتِها والدفاع عنها حفاظًا على الكرامة الوطنية التي لا ينبغي التفريط بها أبدًا. وهذا الترابُ الذي نحن عليه واقفون، هذا الهواء الذي نتنشّقُ والسماءُ التي نتظلّل، تجلَّت فيها كلِّها مواقف البطولة والكرامة، منذ قرابةِ القرنِ من السنين، يوم صدحَتِ الحنجرةُ الأولى فتلتها حناجرُ كثيرة، ولَعْلَعَتِ الرصاصة الأولى فأعقبَتْها قذائفُ وصواريخُ ومسيرات، دفاعًا عن فلسطين وطلبًا لتحرير الجنوب، بانتظار استعادة الأرض كلها من مغتصبيها. ويشهد التاريخ والحاضرُ معًا لهذا السيل من العزائم التي رابطَت عند كلِّ جرحٍ، فانتصرت، حيثُ تطلُّ الأجسادُ والأرواحُ من أمسِها على غدِ أبنائها، فتأباه إلا نقيًّا مجيدًا، مفعمًا بالكبرياءِ الوطني والإباء القومي. “

وقال: “وما الموقف البطولي الأخير للجيش اللبناني ضد الجنود الصهاينة على الحدود مع فلسطين المحتلة، إلا أنموذجٌ رائعٌ في التصدي للعدوان والدفاع عن الأرض شبرًا شبرًا أمّا انكفاء الصهاينة من أمام عناصر وضباط جيشنا الباسل فهو نتاجٌ لثبات هؤلاء وللرعب الذي يعتمل في الإسرائيليين بفعل اقتدار المقاومة وعينها الساهرة وهو الإقتدار الذي اسقطهم نفسياً ليقينهم بأنّ أيّ رعونةٍ منهم ستسقطهم حتماً جسدياً.”

اضاف: “وأما البعدُ الإنمائي، فهو الغايةُ الأساسُ من النشاط الكشفي. وها نحن في هذا الاحتفال، إذْ نقصُّ الشريط إيذانًا بافتتاح مدينةِ الحِرَفِ، إنما نعقد ميثاقًا غليظَ الحَبْلِ مع التنمية، ونُشْرِعُ الأبوابَ عريضةً أمام استثمار الإمكانات البشرية في بناء الغدِ الأحلى. ومما لا شك فيه أن هذا الإنجازَ يكتسبُ معنًى إنسانيًّا بليغَ الدلالةِ على تشبّث الأهلين بأرضهم وانتمائهم وهويتِهم، في ظل الأزمات الكبيرة التي نجتازُها، بسبب حصارٍ دبَّرَ له ويقوده علنًا كيانُ الشرّ المتربِّصُ بنا، الذي أغرقَ المنطقةَ في أتّونِ صراعاتٍ دمويةٍ، هو الآن يدفعُ أثمانَها تفسُّخًا اجتماعيًّا واهتراءً أخلاقيًّا وتهتُّكًا سياسيًّا، وعجزًا عن مواجهة إرادات المقاومين. وفي الوقتِ الذي تتنامى فيه هجرةُ اليهود إلى خارج فلسطين، نعلنُ نحن ويعلنُ أهلُ فلسطين أنَّ أرضَنا لنا وأننا باقون فيها وأن الاحتلال إلى زوال قريبٍ بإذن الله وتضحيات المقاومين لبنانيين وفلسطينيين.”

واستطرد المرتضى: “وقبل أن أغلقَ باب الخطابِ على الكلامِ الأخير، لا بدَّ من الإشادة بسياسة فتح الأبواب التي أرستها المصالحة السعودية الإيرانية برعاية الصين. والذي يمهّد لتلاقٍ ترفضُه إسرائيل وسعت دائمًا إلى منع حصولِه. وكلّنا رجاء بأن يصمد هذا الإتفاق وأن يثمر نتائجه الإيجابية كافة محلياً واقليمياً كما نأمل أن نتلقّف كلبنانيين هذا المنعطف التاريخي فنسعى الى بناء وحدتنا الداخلية وانجاز استحقاقتنا الدستورية تمهيداً لاعادة التعافي الى مجتمعنا واقتصادنا.”

وشدد وزير الثقافة على الوحدة، وقال: “علينا جميعاً أن نتذكّر نحن اهل المقاومة أن الإنتصار عندنا لم يقتصر على دحر الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمّة إنتصارا أهمَّ في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين اينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام، علينا أن نبقى المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخِر والحرص عليه. هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، لا سيّما ههنا في ارض الجنوب، أعطى الانتصار بعداً آخر، لأنه شكّل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب. فنحن كبيئة للمقاومة، ونحن كلبنانيين مسلمين ومسيحيين، بمقدار ما نصون وحدتنا ونثبت في عيشنا وأرضنا وحقوقنا معا، نغلب أعداءنا المنظورين وغير المنظورين، وعليه الله الله في حفظ وحدة الثنائي والسعي الى الوحدة بين اللبنانيين وهذا بالنسبة الينا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية، وهو المفتاح الذهبي لبوابة الانتصار ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج سوف نظل ثابتين كثنائي وطني في وحدةٍ كالبنيان المرصوص ولن نبدل تبديلا .”

 وختم  وزير الثقافة قائلا: “أيها الأحبّة للبنان مدينتان للحَرْفِ في صور وجبيل، وقد اصبح له اليوم مدينةٌ للحِرَفِ في زوطر، فبوركَت مدينتكم، وبوركت حركتكم الكشفية وبورك الوطنُ كلُّه ببركة دماء المقاومين… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وتخلل الاحتفال كلمة لمدير المدينة وعرض فيديو وثائقي عن النشاطات  الادبية والثقافية المرتقبة .

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى