المرتضى: قوما منا صوروا الحوار جريمة حرب.
رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى أن “الأوفياء لهذا الوطن الحبيب، يمضهم أن البعض ممن لا يعرف بناء السدود لتجميع المياه، يحاولون إقامة أشباه لها ما بين المواطنين، لتجميعهم وراء إسمنت المكونات التي، على الرغم من ثراء تراثها الروحي والمناقبي، استطاع بعض سياسييها أن يكبلوا مناصريهم بسلاسل التعصب ضد الآخر، والخوف منه، ورفضه باستمرار”.
وقال: “حتى إن قوما منا صوروا الحوار جريمة حرب، وآخرين ألهاهم الشقاق والمناكفات عن غوث البلد الجريح، وفئة نادت بما يناقض القيم التي تحصن مجتمعنا، فعوضا عن الركون الى الحوار والتكاتف والتعاون للخلاص من أزماتنا، ينبري من يروج للشذوذ الأخلاقي او يمعن في ممارسة الشذوذ السياسي، كل ذلك في وقت تكاد فيه مؤسسات الدولة أن تلفظ أنفاسها الأخيرة”.
كلام المرتضى جاء خلال رعايته حفل تكريم أقامته وزارة الثقافة للمفكر الاديب والمحامي حسين ضناوي في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس.
ومما جاء في كلمة المرتضى: “من عادة المحامين في جلسات اختتام المحاكمة أن يكرروا أقوالهم، ويطلبوا الحكم بقبول الدعوى أو بردها، وذلك حسب وقوفهم إلى يمين القوس أو شمالها.
اليوم، يغريني المقام بأن أقلب الدور قليلا، وأتولى أنا القاضي، تكرار أقوال من اعتلى هذا المنبر من الخطباء الذين قدموا جميعهم لوائح من حبر وعطر، في الشهادة لحسين ضناوي المحامي والمفكر والناشط الثقافي والوجه الوطني، الذي تؤرخ له بمفردات العطاء الباذخ، سيرة زاخرة الألق… من حاء اسمه حتى ياء شهرته”.
وتابع: “ويغريني المقام نفسه أيضا، قبل قلب الأدوار والتكرار، بأن أضيف نفحة أخرى من العطر المهراق على هذه العشية، خلاصة إكسيره : أنني أعرف حسينا منذ أول عهدي بطرابلس، رجلا منذورا للثقافة… منذ أول عهده بالوعي الشخصي والوطني. بل لعلي لا أبالغ إذا قلت إنه تنشقها بملء جوارحه، كما يتنشق الشعاع الماء ويمضي به إلى حيث يصير سحائب خير. وتعاطاها نسغا يجري في أعماق الحياة، لا طلاء خارجيا يزين المظاهر كوشم الحناء ودهن المساحيق فهو لم “ينصب خيطها” (والتعبير لجرمانوس جرمانوس) وسيلة لذيوع الصيت أو لإيقاع الناس في الوهم، وصولا إلى استجلاب المنافع المادية”.
ولفت الى أن “الثقافة كانت لحسين ضناوي، وما برحت، منهاج عيش مزدان بالترفع، وخفقان وجدان، وخريطة طريق لبناء وطن من فكر ومن كلمات، يستحق أبناؤه الانتماء إلى تاريخه وحاضره ومستقبله”.
ولعل من ميزات الأستاذ حسين ضناوي الأساسية التي لم يحد عنها البتة، (بحسب ما كنت قد سمعته شخصيا من المرحوم الرئيس سعيد عدرة) قدرته على الإصغاء بصمت وانتباه، مهما كان الحديث وأيا كان المحدث. ذلك يذكر بقول أبي تمام:
وتراه يصغي للحديث بقلبه وبسمعه… ولعله أدرى به
وأستطرد وزير الثقافة قائلا: “بالحديث عن السلطة أيها الأصدقاء كنت عزمت على تحاشي التطرق إلى السياسة في هذه العشية، فإذا بنقطة حبر تتسرب عفوا من ريشة قلمي، وتنسكب رويدا على أرض الخطاب فلم أشأ كتمانها. وهي أن الأوفياء لهذا الوطن الحبيب، يمضهم أن البعض ممن لا يعرف بناء السدود لتجميع المياه، يحاولون إقامة أشباه لها ما بين المواطنين، لتجميعهم وراء إسمنت المكونات التي، على الرغم من ثراء تراثها الروحي والمناقبي، استطاع بعض سياسييها أن يكبلوا مناصريهم بسلاسل التعصب ضد الآخر، والخوف منه، ورفضه باستمرار. حتى إن قوما منا صوروا الحوار جريمة حرب، وآخرين ألهاهم الشقاق والمناكفات عن غوث البلد الجريح، وفئة نادت بما يناقض القيم التي تحصن مجتمعنا…. فعوضا عن الركون الى الحوار والتكاتف والتعاون للخلاص من أزماتنا، ينبري من يروج للشذوذ الأخلاقي او يمعن في ممارسة الشذوذ السياسي، كل ذلك في وقت تكاد فيه مؤسسات الدولة أن تلفظ أنفاسها الأخيرة”.
وأردف: “إنني من هنا، من طرابلس، مدينة اللقاء والعيش الواحد، الجامعة لكل أشكال الغنى والفقر في آن معا، المقيمة على فرح أمسها وجرح يومها، أعلن أن لا سبيل لنا إلا تلبية دعوة دولة الرئيس نبيه بري للحوار تمهيدا لبناء جسور التلاقي والتعاون والتفاهم من أجل تحقيق الخير العام. التعصب لا يبني وطنا. الخوف لا يبني وطنا. التقوقع والفدرلة يخدمان إسرائيل ويهدمان لبنان”. مشددا على ان “العائلة اللبنانية الصغرى كما الكبرى ينبغي لها أن تظل على اتحاد وثيق، قائما كيانها على المحبة والتكاتف ومكارم الأخلاق وعيش المعية”.