المرتضى: سيْلُ الحقِّ الجارفُ سيعمُّ الأراضي المحتلة كلها

أحيت نقابة المحامين في بيروت، أمس، يوم المحامي ويوم الثقافة بنشاط امتد من الثانية بعد الظهر وحتى الثامنة مساء، في “بيت المحامي”. وقدم المتكلمين عضو لجنة الثقافة المحامي يوسف لحود.
وقال نقيب المحامين ناضر كسبار: “في مادته الأولى، ينصّ قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 8/70 الصادر بتاريخ 11 آذار 1970 على ان المحاماة مهنة ينظّمها هذا القانون، وتهدف إلى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق. وينص في مادته الثانية على أنها تساهم في تنفيذ الخدمة العامة. ولهذا تولي من يمارسها الحقوق والحصانات والضمانات التي ينص عليها هذا القانون. كما تلزمه بالموجبات التي يفرضها.”
اضاف: “هذه المهنة تشارك السلطة القضائية، التي نتمنى أن يصدر القانون الذي يعطيها إستقلاليتها، في إستظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون”.
وتابع: “المحاماة في لبنان مهنة حرة. ومن يقرّر إعطاء المجاز في الحقوق لقب المحامي هي النقابة، من دون وصاية أي وزير كما هو الحال في مهن أخرى. وبالتالي، فعلى المحامي ان يؤمن بأن النقابة هي أمنا الجامعة وملاذنا الآمن. وعلينا جميعاً ان نحافظ عليها ونحترمها، ونحترم قوانينها وأنظمتها”.
وقال: “هناك مبادئ في المحاماة يجب ان نحافظ عليها. المحاماة مهنة صعبة وشاقة ومتعبة. منذ صغري، عندما كنت أتصفح مجلة العدل حيث تكتب في آخر صفحاتها نبذة عن المحامين المتوفين، كنت أقرأ عبارة: “.. وتوفى إثر نوبة قلبية”.
وقال: “أيها الزميلات والزملاء، في عيدكم، أدعوكم للصمود والنضال وعدم الإستسلام. فالبلد يمرّ بظروف صعبة: إستلشاق، عدم مسؤولية، نهب وسرقة، إضرابات وإعتكافات غير مبرّرة. إلا أن أم النقابات كانت وستبقى صمام الأمان والصوت المدوي المُطالب بالحق والحرية والشفافية. في عيدكم نؤكد على مبادئ وثوابت لا نحيد عنها:
- ندعو إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية.
- ندعو السادة القضاة إلى فك إعتكافهم الذي لا مبرر له. نحن مع مطالبهم ونعمل على تحقيقها بكل ما أوتينا من قوة. ولكن لا نوافق على الإستمرار بالإعتكاف.
- ندعو القضاة بعد فك إعتكافهم إلى بت الدعاوى المتعلقة بأموال المودعين بالإضافة طبعاً إلى بقية الدعاوى.
- ندعو من يعرقل ملف جريمة العصر- تفجير المرفأ- إلى التوقّف عن العرقلة لتأخذ العدالة مجراها.
- ندعو المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم وعدم الإستهتار بمصالح وصحة الناس.
- ندعو المسؤولين إلى متابعة ملف النازحين السوريين، والعمل بكل جرأة وقوة على إعادتهم إلى وطنهم.
- ندعو المسؤولين إلى العمل بضمير حي، بيقظة، بمثابرة، بحرفية من أجل مصلحة الوطن والمواطنين.
- ندعو الزملاء المحامين إلى التقيّد بمبادئ الإحترام والمناقبية، وإلى النضال وعدم الإستسلام لأن الفرج قريب بإذن الله”.
بدوره، قال وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال القاضي عباس الحلبي: “كم جميل ان نحتفل بيوم المحامي في شكل غير مألوف، وكم هو أجمل أن نشهد الوجه الإبداعي للمحامين خارج مجال القانون والتشريع والمواد الجافة على أهيمتها لكن بلدنا بلد الفرح والثقافة والجمال لا يتيح لنا البقاء طويلا في جو التفاؤل بل تفاجئنا الأحداث دوماً فيمسي فرحنا قلقا وعيشنا متوترا. وإن كنا نجتمع اليوم حول المحامي والنقابة والنقيب إلا أن فكرنا شاخص نحو الجنوب وأحداثه ونحو فلسطين وبطولاتها وشعبها”.
وتابع: “إننا نتحدث في كل يوم تقريبا عن همومنا ومشاكلنا، فالبلاد تغرق في السلبيات، والنفوس مشحونة، والمواطنون باتوا على غير هدى، مع موسم العودة إلى المدارس وتأمين مقومات مواجهة الشتاء. إننا نحتاج نقاطاً مضيئة وإيجابية نخرج بها إلى الناس وقد فقدوا الأمل بمفهوم الدولة، ولعنوا كل مسؤول أوصل البلاد إلى هذا الإنسداد. فالخبر المضيء في التربية هو أننا بدأنا العام الدراسي في المدارس الرسمية ووفرنا مقومات الإنتاجية لأفراد الهيئة التعليمية”.
وقال: “الخبر الثاني أننا أنجزنا الإطار الوطني لمناهج التعليم العام وأوراقه المساندة وانتقلنا إلى مرحلة كتابة مناهج المواد واختيار المدارس التي سوف تشهد المرحلة التجريبية للمناهج الجديدة”.
اضاف: “الخبر الثالث اننا نعقد سلسلة طاولات في التربية تضم جميع المسؤولين مع خبير دولي لوضع أوراق الإصلاح التريوي والإداري والمالي وتعزيز الشفافية والحوكمة والتزام تطبيق الخطة الخمسية للوزراة، وهذه عملية شاملة لتغيير الوضع الراهن. إن اليوم للفرح وليس لعرض المشاكل، فتعالوا نحتفل مع النقابة ومع حُماة القانون ورواد الدفاع من الحريات والحقوق، بيومهم الإبداعي”.
من جهته، قال وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال القاضي هنري خوري: “هو يومكم، يومٌ تحتفلون فيه بمهنةٍ من أصعب المهن وأعرقها، فتتعبون بالتنقل بين أقواس المحاكم دفاعاً عن حقوق موكليكم، مقارعين الحجج القانونية لتأكيد دفاعكم، وتحملون في مهنتكم عراقة نقابةٍ من أولى النقابات التي تأسست في لبنان ولم تبخل عليه بأعظم الرجالات”.
أما وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى فقال: “على وقْعِ دويِّ الحقِّ في أرجاءِ فلسطين، وتردُّدِ أصدائه ملْءَ آذان المدائن العربية من الخليج حتى المحيط، جئتُ اليومَ إلى دار الحقوق في أمِّ الشرائع، محتفلًا معكم بيوم المحامي، بل بيوم بيروت، مدينةِ التي حَفِظت نقابتُها، نقابتُكم أمانة الحقِّ، حتى من قبلِ أن يولدَ لبنان”.
وتابع: “جئتُ اليومّ محتفلاً معكم بيوم المحامي ولأعترف أمامَكم، أنا الذي لم أنتسبْ إلى المحاماة يومًا، إذ ذهبتُ من الجامعة مباشرةً إلى معهد القضاء، أعترف أمامكم أنني أصبحتُ بعد الوزارةِ محاميًا، بكامل سؤدُدِ المهنة، على الرغم من قاعدةِ التمانع بين المحاماةِ والعمل الوِزاري التي ينصُّ عليها القانون”.
واردف: “إن موجبَ التحفظ الذي يحكم لسانَ القاضي وتصرّفاتِه، أو هكذا يجب أن يكون، لا يبقى مُلزِمًا للوزير القادمِ من القضاء، فإنما ينبغي له أن يرافعَ ويدافعَ عن المصالحِ العليا للوطن والمواطنين، فإذا به، ولو من غير انتساب، يمارسُ دورَ المحامي، فينجحُ أو يُخفِقُ بمقدارِ حظّه من وضوح الرؤيةِ وسعةِ المعرفةِ وثباتِ الموقفِ على مبادئ الحريةِ والقيمِ وحقوقِ الإنسان”.
وقال: “أنا هنا بينكم أيها الزملاء، محاميًا لا وزيرًا. يومُكم هو أيضًا يومي، أحتفلُ به كما تفعلون، وأتزوَّدُ منه رجاءَ الرسوخِ في الحقّ الذي أُعطيتُ أن أحملَه وأدافعَ عنه على امتداد الوطن. كلُّ واحدٍ منكم إنما يفعلُ الأمرَ نفسَه حيث هو، لأنّ المحامي، كما يقول كبيرٌ من عندِنا، هو المحامي والنائبُ والأديبُ أمين نخله، يظلُّ “موزَّعَ الخاطر بين دعوى موكِّلِه ودعوى بلادِه. فبينما أنت تراه في مجلس الحكم يُفصِّلُ النصوصَ ويُفَرِّعُ المسائل، إذا بك تراه في مجلس السياسة يُلطِّفُ المداخلَ ويُوثِّقُ المطالب، فهو طَوالَ عمرِه يدافعُ ويناضل، ويقلِّبُ لسانَه فوقَ البراهينِ والحُجَج.”
أضاف: “عبثا يفتِّشُ الإسرائيليُّ عن نوحٍ جديد، ينقذُه من طوفان الأقصى. فسيْلُ الحقِّ الجارفُ سيعمُّ الأرض المحتلة من الجولانِ إلى النقب وهو قاب جليلٍ أو ادنى، ولن يرحمَ فُلْكًا مصنوعةً من خرافةِ الوهم الصهيوني باستمرار احتلال فلسطين. أما حمامةُ السلام هذه المرةَ، فستذهبُ إلى العالم كلِّه بغصنٍ أخضر من شجرةٍ وارفةٍ على قمّة جبل الزيتون، حيث كان المسيح يصلي بتلاميذه، وحيثُ عرَّجَ النبيُّ من المسرى إلى السماء. وهذا الكيانُ المغتصبُ المناقضُ لمعنى لبنان، صيغةَ عيشٍ وحريةٍ وقيم، لم يعد أمامه، هو ومن وراءه، سوى إعادة حساباتِه الخاطئة، علَّه يحسنُ بعد الطوفان قراءةَ مصيره”.
وتابع: “أما نحن اللبنانيين، فعلينا التشبثُ أكثر بما يختزنُه هذا الوطنُ من ثراءِ تنوُّعٍ وغنى لقاءٍ، وأن نعملَ دائبين على الوحدةِ والتعاضدِ من أجل حماية مكامن قوتِنا وسيادتنا على برِّنا وجوِّنا وبحرِنا وثرواتِنا، وأوّلُ الطريق إلى ذلك استرجاعُ انتظام الحياة الدستورية، بانتخاب رئيسٍ للسدّةِ الأولى، يجمعُ ولا يفرِّقُ، يُطمئنُ ولا ينصاع، يقفُ ولا يخضع، يحمي الثقةَ ويحافظُ على الدستور، وأقصرُ طريقٍ إلى هذه الغاية الحوارُ الداخليُّ الإيجابي بدلًا من انتظار إراداتٍ أجنبية، وأُعلن من ههنا، من نقابة المحامين في بيروت، من عرين الحق والحريّات، أنّ تلك الإرادات الأجنبية لن يكون لها على الأحرار في ذواتِهم، أيُّ تأثير”.