المراهنة على وعي الشعب
كتب د. محمد حسين الدلال في صحيفة القبس.
تعقد الانتخابات البرلمانية للفصل التشريعي الثامن عشر لمجلس الأمة في أجواء رمضانية، ويحتل المجلس القادم – ما بعد الانتخابات – أهمية كبيرة في الواقع السياسي الكويتي، نظراً للجدل الدائر بشأن الأسباب، التي أدت الى حل مجلس الأمة السابق. ومن جانب آخر، الأدوار والقضايا التي ستوكل الى المجلس القادم، وأهمها احتمالية نظر المجلس مسألة مبايعة ولي العهد القادم.
كان أبرز مظهر خرج به مجلس الأمة السابق قدرة معظم أعضائه على تشكيل تحالف برلماني للتعاون مع الحكومة، وفق خريطة تشريع برلمانية حكومية معلنة، أنجز منها العديد من القضايا التنموية والإصلاحية المتفق عليها (المدن الاسكانية – قانون المفوضية الانتخابية – قانون المحكمة الدستورية – إلغاء الوكيل المحلي – مكافحة احتكار الأراضي – رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين.. إلخ)، ورغم ما شاب هذا التعاون من أخطاء، وبالأخص في التوسع بقضية العفو الخاص، فإن الغالب الإيجابي لنتائج التعاون والتفاهم صب في مصلحة الشعب والدولة والقضايا التنموية والإصلاحية.
أمام الشعب الكويتي تحدٍّ كبير في الانتخابات القائمة، وهذا التحدي بالدرجة الأولى مرتبط بوعي الشعب الكويتي، الذي خاض تجارب عديدة مع المسار السياسي، يفترض أنه خلص الى نتائج رئيسة لتعزيز الإصلاح، واتفق مع ما يقوله الكثيرون من إيجابية وسلامة النهج، الذي تبناه أعضاء مجلس الأمة السابق بتعزيز آليات التعاون والتوافق مع الحكومة، وأهمية استمرار ذات النهج والمسار في المجلس القادم، مع ضرورة معالجة أوجه القصور والسلبيات التي شابت التجربة السابقة، بل أضم صوتي للقائلين إن من واجبنا كشعب واعٍ، يسعى للتقدم والنهضة، تعزيز نهج التعاون والتوافق البرلماني الحكومي، من خلال اختيار المرشحين المؤيدين لهذا التوجه والعاملين عليه، والابتعاد عن أي مرشح له دور في تعزيز الفردية على حساب العمل البرلماني الجماعي، ويتطلب من الجميع الوعي بخطورة حملة الإجندات المصلحية الخاصة، ومواجهة إجنداتهم التي تضر بالمصلحة العامة.
رمضان بين غزة والكويت
يأتي شهر رمضان المبارك في أجواء تكتنفها جملة من المشاعر المتضاربة بين الفرح والحزن والألم، فما يحدث من إبادة واعتداء وظلم وتجويع في فلسطين عامة، وغزة خاصة، والأجواء المؤلمة في السودان، تجعل الحليم حيران، ففي الوقت الذي نشعر بالفرح بقدوم شهر الخير والإيمان والتقرب من الله، يعيش الشعب الفلسطيني، وبالأخص في غزة، أجواء رمضانية يسودها الحزن والكرب والألم الشديد، ففي الوقت الذي تمتلئ مساجدنا بالمصلين في أجواء روحانية، تهدم المساجد على رؤوس المصلين في غزة، ويُمنع المصلون من القدوم للمسجد الأقصى، وفي الوقت الذي نستشعر الأمن والأمان والاستقرار، ينعدم الأمن وتخيم أجواء الإبادة والقتل للنساء والأطفال والمدنيين في فلسطين، وبالأخص في غزة، وفي الوقت الذي تتمتع شعوب معظم الدول العربية والإسلامية بأطايب الطعام الى حد التخمة والإسراف، تشهد غزة المجاعة والقتل البطيء، وفي الوقت الذي يتمتع الشعب الكويتي بأجواء الديموقراطية والانتخابات والحريات العامة، يحرم الشعب الفلسطيني من أبسط الحقوق الإنسانية، وفي الوقت الذي تحيط برمضان أجواء الفرح والسرور بزيارة الأقرباء والأصدقاء، يستشعر أهل فلسطين وغزة غصة الألم والخذلان بسبب التآمر الدولي والعربي على ما يحدث من اعتداء مجرم وغاشم مخالف لكل القيم والمواثيق الدينية والدولية.
تلك المشاعر المتضاربة عند الإنسان العربي والمسلم تأتي من منطلق مفهوم قرآني ذكره القرآن الكريم بالنفس اللوامة «وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ»، وتعد المشاعر تلك طبيعية للإنسان الحي المتمتع بقدر من القيم والأخلاق والايمان بكرامة الانسان، مشاعر يتطلب أن توجه توجيهاً إيجابياً لنصرة الشعوب المنكوبة في فلسطين والسودان بكل الوسائل المتاحة قانوناً، وهي تستوجب الشكر والحمد لله بما نتمتع به من أمن واستقرار ورغد من العيش الكريم.
نبارك لسمو أمير البلاد حفظه الله، وللشعب الكويتي والشعوب المسلمة، حلول شهر رمضان المبارك، ونسأل الله منه القبول والمغفرة والرضوان، كما نسأله الأمن والنصر والعزة للشعب الفلسطيني وعموم الشعوب العربية والإسلامية.
بصمة العم محمد الشارخ رحمه الله
الناس كثر، ولكن أصحاب الأثر والبصمة الإيجابية قلة، ونحسب أن العم محمد عبدالرحمن الشارخ من القلة القليلة، التي أضافت محلياً وإقليمياً ودولياً بصمة إيجابية كبيرة، استفاد منها الملايين، وسيخلدها التاريخ من خلال دوره المقدر والمشكور في أدخال اللغة العربية في التكنولوجيا في مراحل زمنية مبكرة، فلم يكن العم محمد الشارخ رحمه الله تاجراً فقط، يسعى لزيادة إيراداته، وهو حق له، ولكنه أكثر من ذلك، من خلال رؤيتة المباركة لدعم الهوية العربية (لغة القرآن) في عالمنا المعاصر.
رحم الله العم محمد الشارخ بواسع رحمته، وأكرم نزله، وأدخله جناته، وجزاه الله خيرا، وعظم الله أجر أهله ومحبيه.