كتبت صحيفة”الخليج”: يبدو أن مصالح الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران)، تتقاطع في هذه المرحلة، تجاه العداء المشترك للقوات الكردية في كل من شمال سوريا والعراق، ما يجعل عملية «المخلب – السيف» التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية التي بدأت يوم 20 من الشهر الحالي، والقصف الإيراني الصاروخي والمدفعي لمواقع الحزب الكردستاني الإيراني شمال أربيل، مفهومين، وأكثر تقبلاً لدى العواصم الثلاث.
لكل من أنقرة وطهران أسبابهما في استهداف مواقع التنظيمين الكرديين اللذين يندرجان لديهما في قائمة المنظمات الإرهابية؛ نظراً لتطلعاتهما الانفصالية من جهة، وقيامهما بأعمال مسلحة داخل البلدين من جهة أخرى، وكان انفجار إسطنبول الأخير سبباً اتخذته تركيا لعمليتها العسكرية الأخيرة.
أما روسيا التي يبدو أنها ليست بصدد معارضة تركيا كما كانت تفعل دائماً، وتكتفي بالدعوة إلى «ضبط النفس»، فترى أن الجماعات الكردية أفشلت جهودها المتواصلة، للاتفاق مع دمشق حول تسوية سياسية، تضمن وجود الجيش السوري على الحدود التركية، وتمنع جماعات حزب العمال الكردستاني من العمل ضد الأراضي التركية عبر سوريا، ثم إن موسكو ترى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ذهبت بعيداً في تحالفها مع القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا، ما جعلها أكثر تشدداً ونزوعاً في مطالبها الانفصالية.
إضافة إلى ذلك، فإن التنسيق بين روسيا وتركيا، خلال الحرب الأوكرانية، أثمر نتائج إيجابية عدة من خلال الموقف التركي شبه الحيادي، وعدم انضمام أنقرة إلى العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو، ثم نجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إنجاز اتفاق القمح بين روسيا وأوكرانيا عبر البحر الأسود، ما خفف من أزمة الغذاء العالمية، إضافة إلى اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس أردوغان على إنشاء مركز للغاز الروسي على الأراضي التركية.
هذه العوامل تأخذها أنقرة في الحسبان، وترى أنها باتت أكثر حرية في العمل داخل الأراضي السورية ضد الجماعات الكردية المسلحة، ما شجع وزير الدفاع التركي لأن يعلن أن عملية «المخلب – السيف» مستمرة براً وجواً، مع «تحييد» العشرات من المسلحين الأكراد، وهو ما أكده أيضاً الرئيس التركي بأن بلاده «مصممة أكثر من أي وقت مضى» على حماية حدودها مع سوريا، مشدداً على أن «التحركات التركية ستضمن وحدة أراضي سوريا والعراق»، كأنها إشارة إلى العاصمتين بأن العملية العسكرية التركية، تستهدف الجماعات الكردية المسلحة فقط.
يبقى الموقف الأمريكي الرافض لاستهداف الأكراد؛ كونهم حلفاء لها، لأن خسارة هذا الحليف تعني انتفاء مبرر الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، بزعم محاربة «داعش»؛ لذلك أعربت واشنطن عن مخاوفها من العملية التركية، ودعت أنقرة إلى «عدم شن هجمات أو التصعيد»، في حين حذرت وزارة الدفاع الأمريكية من أن الهجمات الجوية التركية «هددت بشكل مباشر سلامة الأفراد الأمريكيين» الذين يعملون مع شركاء محليين، في إشارة إلى قوات «قسد».
فهل تستطيع تركيا تجاوز الرفض الأمريكي للمضي في عملية «المخلب – السيف»؟، أم تذعن وتتراجع