المحافظون في بريطانيا على وشك أن يصبحوا عديمي الأهمية تماما
كتب جون رينتول في صحيفة إندبندنت.
إذا كانت نتيجة الانتخابات مشابهة لاستطلاعات الرأي، فسيحدث تغيير كبير في الافتراضات الأساسية للسياسة البريطانية.
لدى ويليام هيغ [عضو مجلس اللوردات ووزير خارجية سابق وزعيم سابق لحزب المحافظين] تحذير للزعيم القادم الذي سيقود حزب “المحافظين” البريطاني بعد فوز ساحق لحزب “العمال”: “ستمر بفترات، وربما لمعظم الوقت، يكون الناس فيها غير مكترثين تماماً بما تفكر فيه أو تفعله”.
سنشهد تغييراً كبيراً في الافتراضات الأساسية للسياسة البريطانية إذا كانت نتيجة الانتخابات مشابهة لاستطلاعات الرأي. لن يكون لانتخابات قيادة حزب “المحافظين” أهمية. وسيكون ناجل فراج غير مهم أيضاً. الأشياء الوحيدة التي ستكون مهمة، على مدى السنوات الخمس المقبلة في الأقل، هي التي سيقررها كير ستارمر ومستشاروه وكبار الوزراء، جنباً إلى جنب مع الآراء ووجهات النظر السائدة داخل ما يمكن أن يصبح أكبر حزب عمال برلماني في التاريخ.
وبطبيعة الحال، ستكون المنافسة بين كيمي بادينوك وبريتي باتيل رائعة في حد ذاتها، ولن يكون لها تأثير كبير في شؤون البلاد. وربما يمزق حزب “المحافظين” نفسه إذا ما سمح لفراج بالانضمام إليه، لكن ما يقوله فراج لن يكون له أي تأثير في الحكومة.
قد يتخذ المحافظون قرارات ربما يتبين أنها مهمة على المدى الطويل، كما حدث عندما غير هيغ قواعد انتخابات قيادة حزب “المحافظين”، مانحاً أعضاء الحزب الكلمة الفصل، مع عواقب كارثية لم تتكشف إلا بعد 24 عاماً. ولكن في السنوات القليلة المقبلة، “سيجري التخلص من بقايا الجماعات السياسية مثلما تلقى بقايا الطعام في سلة المهملات: مجموعة البحث الأوروبي (ERG)، مركز الحملة الانتخابية لحزب المحافظين (CCHQ)، معهد الشؤون الاقتصادية (IEA)، وإيان دنكن سميث (IDS)”، كما كتب مات شورلي في صحيفة “التايمز”.
سيتعين علينا أن نعتاد على تحديد “فصائل” حزب “العمال” بدلاً من “فصائل” المحافظين الخمس. وأظن أن أحد أقلها أهمية سيكون مجموعة الحملة الاشتراكية، النادي المتضائل لكوربين. ما سيكون أكثر أهمية هو اتجاهات الرأي بين نواب حزب “العمال” الرئيسين. في البداية، ستلتف هذه التيارات حول قضايا منفردة، مثل إلغاء سياسة تقييد الدعم المالي للأسر التي لديها أكثر من طفلين وغزة والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
ولهذا السبب، أتوقع تعيين ستيلا كريسي في منصب وزاري رفيع المستوى خارج مجلس الوزراء. وبصفتها رئيسة الحركة العمالية من أجل أوروبا، ستكون في وضع جيد لقيادة الغالبية المؤيدة للاتحاد الأوروبي بين نواب حزب “العمال” إذا ما تركت على المقاعد الخلفية.
إن فكرة إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أو الانضمام إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، غير واردة في دوائر حزب “العمال” حتى الساعة 9.59 مساء يوم الرابع من يوليو (تموز). بعد ذلك، ستكون أحد الموضوعات الرئيسة في النقاش الوطني. ومن غير المرجح أن نرى تراجعاً عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في البرلمان المقبل، على رغم ما قالته بادينوك في مقابلة اليوم، فإن حكومة حزب “العمال” ستواجه ضغوطاً متزايدة في شأن القرارات المتعلقة بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مع امتداد النقاش إلى العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي استعداداً للانتخابات اللاحقة.
ما هو أقل قابلية للتنبؤ به هو تأثير الغالبية العمالية على القضايا الأخرى. فالتحول المباشر من غالبية آمنة لحزب ما، إلى غالبية لحزب آخر لا يحدث كثيراً: فمنذ الحرب، لم يحدث ذلك إلا في 1945 و1970 و1997. ومن شأن هذا التحول أن يوسع نطاق الاحتمالات. وبدلاً من التخفيضات الضريبية، ستكون هناك ضغوط من أجل زيادة الضرائب أو المزيد من الاقتراض لتمويل الخدمات العامة الأساسية. وستطرح أسئلة حول ما إذا كان سيتم تقليص موازنة الدفاع مرة أخرى وكيف سيستجيب البرلمان للضغط من أجل تسريع العمل في شأن تغير المناخ. وبعيداً من الضرائب والإنفاق، فهل تصبح بطاقات الهوية خياراً واقعياً مرة أخرى؟
أحد أهم التغييرات، التي قد لا تكون واضحة على الفور، سيكون التحول الأساسي في الافتراضات حول مستقبل كير ستارمر. وعلى رغم أنه قد يبدو من السابق لأوانه مناقشة هذا الأمر قبل أن يتبوأ رئاسة الحكومة، فإن إيان ليزلي، المدون النافذ، أثار هذه النقطة بالفعل. في سن 61 عاماً، سيكون ستارمر أكبر رئيس وزراء يتولى منصبه منذ جيمس كالاهان. يقول ليزلي: “لا تكمن المشكلة في أنه أكبر من أن يتولى هذا المنصب: من الواضح أنه ليس كذلك، فهو في حال جيدة للغاية – ولكن عمره يعني أنه من غير المرجح أن يترشح لولاية ثالثة”.
ويعني تقصير عمر العمل السياسي أنه إذا أصبح من المقبول أنه لن يستمر في منصبه بعد فترة ولاية ثانية، “فإن الأسئلة المتعلقة بخلافته، وكل ما سيولده ذلك من دسائس، ستكون بارزة خلال فترة ولايته الأولى”.
لقد كتبت قبل أسبوعين عن الكيفية التي ستأتي بها المعارضة لحكومة حزب “العمال” من داخل حزب “العمال”. وسرعان ما سيتشابك ذلك مع مسألة من سيكون الزعيم التالي.
قد يبدو الأمر غير عادي، بل وربما لا طعم له، أن نقول هذا، ولكن ربما تكون انتخابات زعامة حزب العمال المقبلة، بعد الانتخابات، أكثر أهمية من انتخابات المحافظين المقبلة.