المجتمعات الدولية ولبنان.
كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.
ماذا يريد المجتمع الدولي من لبنان؟ للجواب على هذا السؤال يفترض تحديد من هو المجتمع الدولي وكيف ينظر إلى الحالة اللبنانية بمنظور مصالحه واهتماماته الأساسية.
اذا قلنا إنّ المجتمع الدولي هو تلك المنظومة التي تجد تعبيراتها في منظمة الأمم المتحدة التي يختصر قرارها مجلس الأمن الدولي وتحديداً الدول الخمس الدائمة العضوية فيه، فإننا سنكون عملياً أمام مجتمعين دوليين متناحرين ومتنافسين إلى أبعد الحدود. علاقتهما تتراوح بين الصدام العسكري شبه المباشر كما في أوكرانيا، بين روسيا من جهة وأميركا وأوروبا من جهة اخرى، وبين التوتر الدائم لأسباب اقتصادية وجيواستراتيجية كما في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين الشعبية. وينعكس هذان الصدام والتوتر على موقف أطراف «المجتمع» المذكور من التطورات التفصيلية في شتى بقاع الأرض وصولاً إلى الفضاء الكوني.
المجتمع الدولي منقسم في شأن لبنان. بعضه لا يرى في لبنان سوى مخيم لجوء مريح لملايين السوريين وحدود آمنة لإسرائيل، والبعض الآخر يعتبره ساحة لمواجهة الولايات المتحدة وأوروبا واسرائيل. «البعضان» يمكن أن يلتقيا على كلامٍ تقليدي في دعم استقلال وسيادة البلد وضرورة خروجه من ازماته، لكنهما في الواقع العملي لا يستعجلان هذا الخروج ما دامت المعركة مفتوحة بينهما على كل الجبهات العالمية.
لا تساعد المجموعة الغربية في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وتبقيهم ورقة ضغط على لبنان بحجة الضغط على النظام السوري، وفي المقابل تتحالف روسيا وايران مع رؤية النظام السوري في استعمال النازحين للضغط من أجل رفع العقوبات عن النظام واعادة تمويله وتأهيله. في الجوهر يخوض المعسكران معركة وجود ونفوذ على أرض لبنان، لا علاقة لها بحاجاته ومصالحه. وفي ضمان الأمن الاسرائيلي تصبح المسألة أكثر تعقيداً. الاجماع الروسي- الأميركي فيها يخترق المنطق الايراني، ليصبح هدوء الحدود الجنوبية ثاني عناوين اهتمام المجتمع الدولي، ومتابعته لأوضاع لبنان.
في الاثناء لا يفعل الفرقاء اللبنانيون شيئاً لتغيير المعادلة. يقفون في طابور الانتظار. ينتظرون لو دريان يوماً ثم ينتقلون للترحيب بالمبعوث القطري، بدلاً من الذهاب مباشرة إلى القيام بواجباتهم في إعادة اطلاق مؤسساتهم بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية.