رأي

المجاعة في غزة.. ماذا ينتظر العالم؟

رسمياً أعلنت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى حدوث المجاعة في محافظة غزة، وتوقعت امتدادها في مناطق أخرى بالقطاع المنكوب خلال أسابيع، هذا ما أعلن بالأمس. وفي التفاصيل فإن ما يزيد على نصف مليون إنسان في قطاع غزة قد باتوا في ظروف كارثية على الدرجة الخامسة وهي الأعلى من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، ومن خصائص هذه المرحلة «الجوع الشديد والموت والعوز والمستويات الحرجة للغاية من سوء التغذية الحاد». ويواجه حوالي 54% من سكان القطاع ظروف المرحلة الرابعة، والمتمثلة في انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي يصنف بـ«الطارئ» و20% من السكان في المرحلة الثالثة التي تصنف بـ«الأزمة». ويذهب تقرير المنظمات الدولية المشار إليه، إلى أنه مع نهاية شهر سبتمبر المقبل، سيصل عدد من هم في ظروف المرحلة الخامسة إلى حوالي 640 ألف إنسان، كما توقع أن «يستمر سوء التغذية الحاد بشكل سريع».
هذه الصورة القاتمة التي ترسمها تلك الأرقام والنسب والتصنيفات، والتي قد تكون على الأرض أشد قتامة، كل المؤشرات كانت تدل على أنه سيتم الوصول إليها، طالما استمر سكان غزة في هذا السياج الجهنمي بين قصف متواصل، ونزوح متوالٍ، وسد طرق وصول الاحتياجات الأساسية للناس في تلك الظروف إلا بطريقة «التقطير» على حد وصف أنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة في وقت سابق. وقد كان غوتيريش وغيره الكثير من المسؤولين الدوليين قد حذروا من ترك الأمور حتى تصل إلى ما وصلت إليه، خاصة أن كل المؤشرات كانت تقول إن هذه النقطة السوداء قريبة مهما بعدت. ففي مارس من عام 2024 اعتبر غوتيريش أن الفلسطينيين في غزة «يواجهون مستويات مروّعة من الجوع والمعاناة» وفي حينه قالها صريحة «علينا أن نتحرك الآن لمنع ما لا يمكن تصوره ولا قبوله، ولا تبريره».
أما وقد حدثت الكارثة وأعلنت المجاعة رسمياً، فإن خريطة طريق إنقاذ الناس واضحة تماماً لدى المنظمات الدولية المعنية، وكذلك لدى الأغلبية العظمى من دول العالم. بداية، فإن الأولوية لإدخال أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الغذائية والدوائية في أسرع وقت ممكن. وبالفعل فإن هناك 116 ألف طن متري من المساعدات الغذائية «جاهزة» للدخول إلى غزة. وهذه الكمية تكفي لإطعام مليون إنسان لأربعة أشهر كاملة.
هناك الكثير من المنظمات والدول مستعدة بالفعل لتحويل التقطير الذي تحدث عنه غوتيريش إلى «محيط» على حد وصفه أيضاً. وعلى رأس هذه الدول دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ما تركت فرصة إلا ومدت يد العون براً وبحراً وجواً لأهلنا في غزة. وعلى سبيل المثال، فإن عملية «طيور الخير» قد وصل عدد عمليات الإنزال الجوي ضمنها إلى 77، وهي عملية تتبع عملية «الفارس الشهم 3» بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة. الإمارات التي قدمت أكثر من 45% من المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى غزة منذ بداية الصراع على أتم الاستعداد لتكون في طليعة ركب إنقاذ الأشقاء في غزة.
لم يعد الأمر يحتمل أي انتظار، وعلى المنظمات الدولية وشتى دول العالم التحرك فوراً لإنقاذ أهل غزة من تلك المجاعة غير المسبوقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى