حسين زلغوط
رأي سياسي
بعد النعي غير المُعلن لمهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان، بدأت الدوحة حراكها في لبنان، والجولات الأولى على المسؤولين اللبنانيين للموفد القطري ستكون مهمتها الحصول على الموافقة المبدئية منهم لإستلام الملف الرئاسي، قبل الخوض في الجولات اللاحقة في الاسماء وصيغة المبادرة.
وهنا تُرجح المصادر في حديثها لـ”رأي سياسي”، ان زيارة لودريان الرابعة الى بيروت وإن حصلت ستكون الأخيرة، ليُعلن أمام المسؤولين اللبنانيين إنكفاءه وإجراء ما يشبه عملية تسلم وتسليم بينه وبين القطري الذي سيحمل راية المفاوضات تحت شعار مغاير للشعار الفرنسي تجنباً للإخفاقات التي حصلت مع الموفد الفرنسي، وهذا لا يعني ان هناك خلاف بين اعضاء اللجنة الخماسية، او بين موفديها فمن المعروف ان قطر هي شريكة الفرنسيين في ملف النفط عبر “توتال” و”قطر إنرجي”، وهذه الدول تجمعها المصالح في النهاية.
اما الحديث عن “لبننة اللجنة الخماسية”، فترى المصادر ان هذا التوصيف غير دقيق، فبحسب تعبيرها ان الدول الخمس ذات السياسات والاستراتيجيات المقررة والثابتة تعرف ماذا تريد من لبنان وتتقاسم الادوار للوصل الى مبتغاها في النهاية، لافتة الى انه في حال وجود شرخ سياسي بين أحد أعضائها والأعضاء الآخرين يكون الحل بخروج العضو المخالف، وليس بشلل عملها كهيئة دولية ذات مهمات واضحة.
وترجح المصادر ان المبادرة القطرية ستعمل على الوصول الى اتفاق يشبه إتفاق الدوحة الذي جرى عام 2008، والتسويق لإسم قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة، خصوصاً بعدما أبلغ الاميركي جميع الحاضرين في لقاء اللجنة الخماسية في نيويورك ان الادارة الاميركية ترغب بوصول قائد الجيش الى سدة الرئاسة، ما يعني ان المبادرة القطرية ستلتزم هذا السقف وإن بدلت خلال المفاوضات بعض الاسماء المطروحة، لكنها من المؤكد انها تعمل خارج هذا الإطار ولن تكون النهائية بسبب المناكفات الداخلية التي ستعترض طريقها، وفي لحظة الجد، ولحظة عدم الوصول الى توافق على الاسماء المطروحة هذه المرة سيتدخل الاميركي مباشرة ليفرض الرئيس الذي يريده في النهاية.
ولدى السؤال عن مدى إمكانية نجاح قطر في مهمتها حيث أخفقت فرنسا، يجيب مطلعون بأن فرنسا بدأت بشكل خاطئ في تعاطيها بالملف، وتمايزت عن اللجنة الخماسية بتبنيها إسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة ونواف سلام للحكومة، ولم تنجح ببقائها على الحياد، كما ستفعل قطر، فالموفد القطري سيقف على الحياد مع كل الأفرقاء السياسيين كما ان دورها يحظى بدعم من واشنطن وغطاء من السعودية، إضافة الى ان الدوحة ستلوح بورقة تقديم المساعدات المالية في لبنان وفتح ابواب الاستثمارات في حال تم التوصل الى توافق على اسم الرئيس، لكن ذلك لا يعني أن طريق المبادرة القطرية على المستوى الداخلي سيكون مفروشاً بالورود، حيث ان بعض القوى السياسية وتحديداً فريق الممانعة لا يبدو في وارد تقديم تنازل يشمل إسم الرئيس، فهو متمسك بعكس ما يشاع بفرنجية رئيساً، وليس لديه الرغبة في مناقشة أسماء أخرى بجدية، حتى اسم قائد الجيش الذي تربطه بالحزب علاقة جيدة كما قال في أكثر من مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول، ولكن إسمه ليس مطروحاً للرئاسة في حارة حريك.
ورغم الحراك القطري، إلا ان الحديث عن نتائج إيجابية لهذا الحراك لا يزال بعيدا، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مستمر بخوض المعارك السياسية لعدم السماح بوصول قائد الجيش الى كرسي بعبدا، ولن يكون اخرها ما قاله خلال جولته العكارية عن ان “النزوح ليس وسيلةً للحصول على الرئاسة، وأن كل ادعاء بأن الجيش والأجهزة الأمنية عاجزة هو كلام باطل ويراد منه الوصول الى الرئاسة”.
هذا التعنت والاشتباك السياسي بين جميع الافرقاء، يؤكد ان الازمة الرئاسية ستزداد تعقيدا، لأن القوى السياسية ليست جاهزة حتى اللحظة لتقديم أي تنازلات جذرية تؤدي الى فتح ثغرة في جدار الإستعصاء الحاصل بالملف الرئاسي.