رأي

الكويت… ديرة الخير

كتب عبدالعزيز الكندري في صحيفة الراي.

عرف أهل الكويت حكاماً ومحكومين العمل الخيري والإنساني منذ نشأتها، منذ أكثر من 300 سنة، ووصلت خيراتها إلى العديد من بلدان العالم، ولعل البعض يربط العمل الخيري بالنفط وهذا غير صحيح، حيث إن أهل الكويت كانوا محبين لمساعدة المحتاجين قبل ظهور النفط بسنوات طويلة، ووصلت أعمالهم الإنسانية إلى الهند وإندونيسيا وجزر الملايو والشام وفلسطين والعراق وبلاد فارس ونجد والزبير وشرق أفريقيا، وغيرها من البلدان، بحكم طبيعة أهل الكويت التجارية وتنقلهم بين تلك الدول وغيرها.

وفي عهد الشيخ جابر الأول بن عبدالله، حاكم الكويت من عام 1814 إلى 1859، والذي اشتهر بجابر العيش حيث كان يساعد الفقراء والمحتاجين، وكذلك وقفية الشيخ محمد بن عبدالرحمن العدساني، سنة 1783 والتي كانت خير شاهد على أن العمل الخيري ومساعدة الفقراء والمحتاجين مترسخة ومتجذرة في قلوب ووجدان الكويتيين قبل النفط.


لذلك، فالعمل الخيري والإنساني متجذر بأهل الكويت منذ القدم وقبل تأسيس الدولة الحديثة بمؤسساتها بعد الاستقلال، حيث كانت الكتاتيب هي النموذج التعليمي المعتمد في الكويت قديماً، وأكثرها كان بجهود تطوعية وبعضها كان بتبرعات أهل الخير ومن مصادر عدة، حيث كانت تدرس بعض المواد مثل القرآن الكريم والحساب واللغة العربية، حيث كانت الوظائف في ذلك الوقت تحتاج لهذا النوع من الخريجين لإدارة الحسابات وتسجيل البيانات والأرقام.

بعد مرحلة الكتاتيب بدأ التعليم النظامي، حيث كانت المدرسة المباركية أول مدرسة نظامية يتم افتتاحها عام 1911، وسميت بالمباركية نسبة إلى الشيخ مبارك الصباح، وأول مدير لها هو الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، والمهم أنها قامت على تبرعات أهل الكويت علاوة على بعض الرسوم التي تؤخذ من الطلبة نظير تسجيلهم.

وبدأت مرحلة جديدة للعمل الخيري بعد تاريخ 1961، حيث استقلت الكويت وتأسست المؤسسات وجمعيات النفع العام حيث كان له دور مهم في الارتقاء بالعمل الخيري والإنساني، وتأسست الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية عام 1961م، وجمعية الإصلاح الاجتماعي عام 1963م، والتي كانت امتداداً لنشاط جمعية الإرشاد الإسلامي التي تأسست عام 1954.

والحكومة كذلك قامت بتأسيس العديد من المؤسسات الإنسانية، مثل بيت الزكاة الذي تأسس عام 1982م، كمؤسسة حكومية تقوم بجمع الزكاة وتوزيعها على المستحقين، والأمانة العامة للأوقاف التي تأسست عام 1993م، والتي لها الدور في رعاية الأوقاف الخيرية وصرف ريعها على مشاريع وأنشطة متنوعة داخل الكويت وخارجها.

وكل الأعمال الإنسانية سواء كانت داخل أو خارج الكويت هي امتداد طبيعي لفعل أهل الكويت قديماً، ولعل الحملة التي أطلقها وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة الشيخ فراس الصباح (فزعتكم فرحة لهم) وذلك لسداد ديون الغارمين داخل دولة الكويت خير مثال على تجذر الفعل الإنساني لدى جميع من يعيش على هذه الأرض، وقال بهذه المناسبة «إننا في نفحات هذا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك شهر الخير والعطاء وبعون الله وتوفيقه نعلن انطلاق الحملة الوطنية لسداد ديون الغارمين فزعتكم فرحة لهم للعام الثاني على التوالي».

وهي بتعاون بين وزارة الإعلام ووزارة العدل ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية واتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية واتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية الكويتية. وهي حملة تهدف لتفريج كربة الغارمين الذين لديهم ديون وقد عجزوا عن سدادها وليس لديهم القدرة على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بسبب بعض الإجراءات القانونية لتخلفهم عن السداد.

هذه الحملة والحملات الأخرى تعزّز صورة الكويت المشرقة في العمل الإنساني سواءً كان داخل أو خارج دولة الكويت ومنذ القِدم.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى