الكويت تعاني من أخطبوط الفساد.

كتبت أ. د. بهيجة بهبهاني في صحيفة القبس.
للأخطبوط ثماني أذرع حول فمه، مغطاة على سطحها الباطني بممصات قوية يستخدمها للإمساك بفرائسه بقوة ويسلبها القدرة على الحركة ويسحبها إلى فمه. ولما أصبح الفساد ظاهرة أساسية بالحياة اليومية بالكويت.
لقد شغلت قضايا الفساد الكبرى والكثيرة التي جرى الإعلان عنها خلال الفترة الماضية المجتمع الكويتي، وأصبح المواطن يعيش غاضباً ويعايش مشاعر الخوف من الغد المجهول حول مصير وطنه، فكأنما أصبحت الأذرع الثماني لأخطبوط الفساد تُوجِّه العديدَ من مؤسسات البلد نحو فمها لتبتلعها.
إن للفساد بالكويت مجالات عدة، فهناك مجال للفساد يكمن في «الواسطة»، من رشاوى وخدمات تتجاوز القوانين. وقد ورد بتقرير صادر عن «صندوق النقد الدولي» أن الكويتيين هم أكثر الخليجيين استعانة بالواسطة للحصول على وظيفة بالحكومة، وكذلك في التوزيع غير القانوني للأراضي الزراعية المملوكة للدولة. وهناك مجال آخر من الفساد يكمن في القيام بممارسات احتيالية مثل «شهادات الدكتوراه المزورة» التي حصل عليها بعض المسؤولين والأكاديميين بالواسطة. ويعتبر «العلاج بالخارج» مجالاً معروفاً للفساد، فقد أنفقت الدولة 3 مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 فقط على معالجة مواطنيها بالخارج، ليتبين أن أغلبية هذه الحالات كانت ادعاءً للمرض وسفراً للترفيه والسياحة! إضافة إلى قيام البعض باستغلال المخصصات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يدعي بعض الأفراد الإعاقة للحصول على المساعدات المالية. ويشكل «تزوير الجنسية والاتجار بالبشر» مجالاً منتشراً للفساد. وتسبب الاتجار غير القانوني باليد العاملة من خلال فرض مبالغ طائلة على العمالة الوافدة تعود بالمنفعة المالية على تجار الإقامات، وقد تسبب ذلك بخلل كبير بالتركيبة السكانية. وهناك مجال خطير من الفساد حيث جرى اتهام الكويت كمركز دولي لتبييض الأموال، كما يخضع العديد من المغردين بمواقع التواصل الاجتماعي للتحقيق أيضاً بتهمة تقاضي ملايين الدولارات من خلال قيامهم بعمليات مشبوهة لتبييض الأموال. والمجال الأكبر للفساد هو التحقيقات التي تمت في 20 مجالاً حكومياً منها: التأمينات الاجتماعية، ضيافة «الداخلية»، صندوق الجيش، مؤسسة الموانئ والصناعات البتروكيميائية، المشتريات الدفاعية، النفط، مجلس الأمة، وبيت الزكاة، وغيرها.
ومما سبق يتبين أن أسباب الفساد الرئيسية تكمن في الرغبة في الحصول على الثروة وسوء استغلال السلطة وغياب العقوبات وضغوط من أصحاب مناصب عليا، فأين دور الحكومة في القضاء على أذرع هذا الأخطبوط؟!