القمة العربية وأزمات المنطقة
ورد في مقال د. أحمد بن سالم باتميرا في صحيفة “السياسة” الكويتية:
لم الشمل العربي، وتحركات سعودية -عربية، وأزمة بدأت تحل، وأخرى تبدأ في السودان، وعودة سورية لجامعة الدول العربية، وخلاف مغربي -جزائري، ووضع يتفاقم في بعض الدول نتيجة أزمة مالية او تقلبات أسعار النفط.
أمه عربية لغتها واحدة ودينها واحد، فهل يمكن أن تكون القمة العربية المقبلة التي تستضيفها الشقيقة المملكة العربية السعودية هي قمة الوفاق والتآخي والاتفاق؟
في 19 مايو الجاري تعقد القمة العربية 32 في الرياض، قمة تتطلع إليها الشعوب العربية لتكون قمة مختلفة كليا عن القمم السابقة، فلسنا في حاجة لكلمات، ولا مديح في حسن الاستقبال وكرم الضيافة، فالمملكة وقادتها وشعبها كرماء، لذا فالمسؤولية كبيرة، لكن لا يستحيل على المملكة حل المعضلات العربية السياسية بين الأقطار العربية، والتوصل الى قرارات وحلول لكل الإشكاليات المطروحة.
فالسياسة السعودية ومكانتها كدولة كبرى في المنطقة والعالم، قادرة على الخروج من هذه القمة ونحن في استقرار سياسي، واقتصادي، وأمني مع كل الدول الشقيقة والصديقة، والمنظمات العالمية، فتوجه المملكة بفتح حوار إيجابي مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة؛ وحضور الرئيس بشار الأسد هذه القمة او من ينوب عنه، وأيضا التحرك لوقف الحرب في اليمن، وحلحلة هذا النزاع، وايجاد حل نهائي لهذه الحرب دون ضرر ولا ضرار لكل الأطراف.
والتحرك سريعا لوقف الحرب بين جنرالات السودان، وحماية الجاليات هناك، يجعلنا نتفاءل أن القمة العربية ستكون مختلفة، وأن المملكة وقيادتها الحكيمة ستدير القمة بحكمة ومسوؤلية.
النزاعات العربية – العربية، يجب أن تحل نهائيا، وننظر للمستقبل والتنمية والرخاء فيما بيننا بنظرة الأخ لأخيه، وليس نظرة العداء والتنافس، ونتجه للبناء والتعمير والاستثمار فيما بيننا في مجالات ضرورية، ومهمة للمستقبل وللأجيال القادمة، مثل الأمن الغذائي والزراعي والطبي.
وهي الخطوة الرائدة التي بدأت المملكة العربية السعودية فيها، واستغلال ثرواتها في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030 والهادفة لتحقيق جزء من الاكتفاء الذاتي في مجالات حيوية عدة، فهل تستفيد الدول الأخرى من هذه التجربة؟
فما قامت به المملكة العربية السعودية من إجلاء رعاياها ورعايا العديد من الدول، العربية والاسلامية والصديقة، من الشقيقة السودان بعد الأحداث الدامية هناك، هي رسالة أن السياسة السعودية بدأت تأخذ مكانها ووضعها في المنطقة والعالم، بالتنسيق مع بعض الدول المؤثرة، في مشهد أشاد به القاصي والداني، ونتطلع الى أن تكون القمة العربية هي امتدادا لكل هذه النجاحات السابقة، والمقبلة باذن الله تعالى.
لذا نأمل أن تسود بين الفرقاء العرب لغة الحكمة والحوار والتسامح في لقائهم المنتظر على أرض المملكة العربية السعودية، ليعود الاستقرار والأمان للمنطقة العربية من الخليج إلى المحيط، فكفانا تشتيتا وتمزيقا واقتتالا بيننا، ونتعظ بالماضي ونتجه للتمسك بديننا ولغتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فكما حدث في دول عربية سابقا، فلن يكون هناك منتصر في السودان أيضا، فالكل خاسر مهما كانت نتيجة القتال ونهايته، فالشعوب تقتل والثروات تهدر والتنمية تهدم، فلسنا في حاجة لقمم تعمير، بل لقمة نحن امة واحدة.
نحن اليوم علينا النظر للازمات السابقة التي حدثت خلال السنوات العشر الماضية او اكثر، والأوبئة وغيرها التي تحاك ضدنا من هنا وهناك، والأحداث المؤسفة خلالها ومن وراءها، لذا فان فرص إيجاد حلول للأزمات في اليمن وسورية ولبنان والصومال والسودان، والخلافات العربية بين بعض الأقطار، يمكن حلها نهائيا، ويكفينا ما ابتلينا به في السنوات الماضية في وطننا العربي، الذي ما إن يبدأ جرح فيه بالاندمال حتى يظهر جرح آخر. وعلينا الاستفادة من التجارب السابقة وأضرارها واثارها.
القمة العربية المقبلة، المطلوب منها ترك كل النقاط وجدول الأعمال المتكرر في كل قمة، والتركيز على حل كل المشكلات والأزمات العربية العربية، ومواجهة الفرقاء للجلوس إلى طاولة الحوار.
وكلنا ثقة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، في تحقيق هذه الأمنية لتكون القمة قمة السلام والوفاء والاستقرار والرخاء العربي.
كما نأمل أن تحل الخلافات العربية والاسلامية الأخرى، وأن تفتح صفحة جديدة من العلاقات الطيبة بين الجميع…والله من وراء القصد.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.