رأي

القمة الخليجية-الأوروبية.. ما أبرز نقاط الخلاف والتوافق؟

كتبت روزي بيرتشارد, في “DW” :

أوروبا تريد إدانة خليجية واضحة للحرب الروسية على أوكرانيا، والخليج يريد ضغطاً أوروبياً أكبر على إسرائيل لهدنة في غزة ولبنان. فهل هناك نقاط اتفاق بين الطرفين؟

أول قمة على الإطلاق بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في بروكسل. من أهم الضيوف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي التقطت الصحافة صوره وهو يمشي على السجاد الأحمر، أو أثناء محادثة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

كان محمد بن سلمان هو الاسم الخليجي الأبرز في قائمة الضيوف خلال القمة التي انعقدت الأربعاء (16 تشرين الأول/أكتوبر 2024). يبدو أن الأمير، الحاكم الفعلي في السعودية، قد عاد تماماً للمشهد، بعد سنوات ظهرت فيها مكانته منبوذة بين الأطراف السياسية، خصوصاً الأوروبية، بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في 2018، في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية.

في الوقت الذي ندّدت بعض مجموعات حقوق الإنسان بحضور بن سلمان، قال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إنهم لم يسمعوا أيّ تنديد عندما سئلوا إذا ما كانت الدول الأعضاء في الاتحاد قد أعربت عن قلقها بشأن الجدل حول أول رحلة لمحمد بن سلمان إلى بروكسل كولي للعهد. ولكن بدلاً من ذلك، كان تركيزهم منصباً على مكان آخر، فكل طرف يضغط على الآخر لإعادة النظر في طرق تفكيره بشأن الصراعات المستعرة في المناطق القريبة منه.

الأمير محمد بن سلمان في بروكسل الأمير محمد بن سلمان في بروكسل
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد يكون الممثل الأعلى مكانة بين دول الخليج في الاجتماع مع قادة
قالت مصادر من الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج إن المفاوضات بشأن البيان المشترك النهائي في الأسابيع التي سبقت قمة الأربعاء كانت صعبة. أوروبا كانت ترغب بصياغة أقوى، تدين الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إن المجلس الخليجي أراد في البداية ألا تكون هناك إشارة مباشرة لروسيا في النص. لكن في النهاية، توصل القادة إلى حل وسط من خلال استخدام اللغة ذاتها الواردة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2022 الذي يقول “نعرب عن استنكارنا الشديد للعدوان الذي تشنه روسيا الاتحادية ضد أوكرانيا”.

“في حين أن قطر والسعودية والإمارات قدمت جهود وساطة هامة بين الأطراف المتحاربة — مثل إطلاق سراح الأطفال الأوكرانيين المحتجزين في روسيا وتبادل الأسرى — لا يوجد تفاهم مشترك بين الأوروبيين ودول الخليج بشأن أصل النزاع وحله”، حسب ما تشير له تشينزيا بيانكو، وهي زميلة زائرة في معهد العلاقات الخارجية الأوروبي European Council on Foreign Relations، في ورقة لها حول العلاقات بين دول الخليج وروسيا.

كما أراد الاتحاد الأوروبي معالجة الموضوع الشائك حول كيفية تجنب روسيا التحايل على العقوبات الغربية. أشارت مسودتان سابقتان للبيان التي اطلعت عليها DW إلى “منع التحايل على العقوبات”. لكن بشكل صريح، تنازلت بروكسل عن موقفها، وأشار النص النهائي بشكل غامض إلى “تعزيز الحوار بشأن التدابير التقييدية وتنفيذها”.

الخليج يريد نبرة أقوى تجاه إسرائيل
مع تصاعد العنف في عدة أجزاء من الشرق الأوسط، ضغطت دول الخليج بدورها على نظرائها الأوروبيين لانتقاد إسرائيل بشدة. يدعو الإعلان المشترك إلى هدنة في كل من غزة ولبنان، ومن جانب آخر، يدين “قرارات الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنات وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.”

لكن مصدراً من إحدى دول مجلس التعاون الخليجي قال لـ DW إنهم كانوا “محبطين” من اللغة المتعلقة بالشرق الأوسط عند مقارنتها بما تم الاتفاق عليه بشأن أوكرانيا. وحذرت الباحثة تشينزيا بيانكو من أن الأوروبيين، عند تفاعلهم مع دول الخليج، “سيحتاجون إلى التحدث أقل والاستماع أكثر، خاصة في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط”.

دون انتقاد مباشر للمجموعة، حذّر الزعيم القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه الافتتاحي في بروكسل ضد “أي معايير مزدوجة”، في حين قال وزير خارجيته، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، للصحافة في بروكسل إنه يجب تفادي أن تكون الدول “انتقائية” بشأن مبادئها.

صورة جماعية للمشاركين في القمة الخليجية الأوروبيةصورة جماعية للمشاركين في القمة الخليجية الأوروبية
صورة جماعية للمشاركين في القمة الخليجية الأوروبيةصورة من: Omar Havana/dpa/AP/picture alliance
كلمات حذرة عن إيران
لكن اللغة المتعلقة بإيران، كانت مع ذلك، أكثر توافقية. في البيان المشترك، يدعو الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي “إيران إلى السعي نحو خفض التصعيد الإقليمي”. ويقول البيان إنهم “يأسفون” لاستمرار في نشاطها النووي، ما جعل العودة إلى الاتفاقات الدبلوماسية المصممة للحد من أنشطة طهران “أمراً صعباً بشكل متزايد”.

يؤكد دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن دول الخليج أرادت تجنب اللغة النقدية القوية، على الرغم من الهجمات الصاروخية الأخيرة من إيران على إسرائيل، والدعم الإيراني للحوثيين الذين كانوا متورطين في صراع مباشر مع الإمارات والسعودية.

“فيما يتعلق بإيران، الوضع خطير للغاية وحساس للغاية. دول مجلس التعاون الخليجي تتعامل مع إيران من خلال الدبلوماسية، والدبلوماسية هو السبيل الوحيد أمامنا”، يؤكد مصدر من إحدى دول مجلس التعاون لـ DW.

تعاون أكبر في التجارة والتأشيرات والطاقة

لكن الجغرافيا السياسية لم تكن الشيء الوحيد الذي يشغل بال القادة. أكد الطرفان أنهما سيسعان إلى “المضي قدماً” في المناقشات بشأن اتفاقية تجارية بين التكتلين وهي فكرة تم السعي إلى تحقيقها لأول مرة قبل أكثر من ثلاثة عقود، لكنها وضعت على الرف منذ عام 2008.

يؤكد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إن هناك توترات داخل مجلس التعاون الخليجي حول ما إذا كان ينبغي أن تكون التجارة مع الاتحاد الأوروبي، ككتلة خليجية أو البحث عن صفقات ثنائية بين كل دول خليجية والاتحاد الأوروبي.

كما اتفقت الجهتان على “العمل من أجل” تبسيط إجراءات دخول وسفر مواطني الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي بين دول التكتلين. دعت بعض الدول الخليجية إلى إعفاءات في التأشيرة لتسهيل سفر مواطنيها إلى الاتحاد الأوروبي كسياح، وهو طلب لم يُجب عليه حتى الآن. يقول مصدر من مجلس التعاون الخليجي لـ DW على هامش المحادثات: “لقد استوفينا جميع متطلبات تحرير التأشيرات. نعتقد أن هذه مسألة تتعلق أكثر بالإرادة السياسية”.

تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا دفعت الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة في سعيه للتخلص من الاعتماد على الوقود الروسي. دول الخليج الغنية بالغاز والنفط أضحت مزوداً رئيسياً للاتحاد، وهو أمر لم يتغير مع البيان الجديد، إذ صرح الجانبان أنهما ملتزمان بـ “تعزيز” التعاون في مجال الطاقة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى