القمة الخليجية – الأوروبية
كتب سلطان مساعد الجزاف في صحيفة القبس.
تحت شعار «السلام والازدهار»، اختتمت القمة الخليجية – الأوروبية الأسبوع الماضي في مدينة بروكسل لتكون واحدة من أهم القمم في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وتعتبر علامة فارقة في تاريخ العلاقات الخليجية – الأوروبية، تأتي هذه القمة ضمن نشاط ملحوظ وغير مسبوق لدول مجلس التعاون خلال السنتين الماضيتين، حيث أخذت (دول التعاون) اهتماماً كبيراً بربط شراكات سياسية واقتصادية مع قوى وتكتلات دولية، مثل منظمة آسيان والقمة الصينية، واليوم القمة الأوروبية، وهذه القمة سوف تعطي بعداً إستراتيجياً وسياسياً وأمنياً واقتصادياً لدول الخليج وهذا يعكس تحولاً ملحوظاً في دور دول الخليج العربي على الساحة الدولية.
لم يكن مجلس التعاون الخليجي كما كان في سابق عهده، فقد أصبح اليوم أكثر فعالية وتأثيراً في المجتمع الدولي، وأصبح يملك ثقلاً عربياً إسلامياً ودولياً متزايداً. وهذا يدل على الإرادة القوية لقادة دول مجلس التعاون في تعزيز دورها في الساحة الدولية.
تأتي هذه القمة في ظروف صعبة، حيث تسعى الدول الخليجية لتعزيز علاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية مع أقطاب كبرى، وهو ما يعكس الإيمان الراسخ لدول الخليج بالشراكات الإستراتيجية التي تخدم مصالحهم الوطنية وتواجه التحديات المشتركة. هذا أيضاً ما شدد عليه كل من رئيس المجلس الأوروبي ورئيس المفوضية الأوروبية في كلماتهما الافتتاحية إلى أهمية التعاون والشراكة في مواجهة هذه التحديات، مما يعزز من أهمية القمة في مثل الأحداث الراهنة.
استقطبت القمة اهتمام العالم والإعلام بسبب أهم كتلتين اقتصاديتين بالعالم، إضافة إلى الظروف الصعبة التي تواجهها المنطقة من أزمات سياسية وحروب، إضافة إلى الملفات الأخرى التي نوقشت خلال القمة منها الاقتصادية وتغير المناخ والطاقة والتغيرات التكنولوجية المتسارعة.
كما جاء البيان الختامي للقمة في 12 صفحة وأكثر من 57 بنداً، يعتبر بيانا تاريخيا وغير مسبوق، حيث غطى جميع القضايا التي تهم المنطقة ابتداء من الحرب على غزة ولبنان والسودان وسوريا، بما في ذلك قضية ترسيم الحدود الكويتية – العراقية وأهمية الالتزام بالقرارات الدولية. كما أوصى البيان باستمرار انعقاد هذه القمة كل سنتين، مما يعكس رغبة الطرفين لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين الدول الأعضاء وفتح آفاق جديدة للتنمية في المنطقة.
تمثل هذه القمة خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار والازدهار في منطقة الخليج، وهي تعكس رؤية دول الخليج في بناء مستقبل مشترك مع حلفائها.
إن تعزيز الشراكات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويضمن استقراراً سياسياً وأمنياً في المنطقة.