القضاء اللبناني … “إلى جهنم”

تجربة بالذخيرة الإقتصادية الحية قادتها السوق السوداء إذ يتصدر الدولار رقما قياسيا قارب ال54 ألف ليرة لبنانية دافعا معه أسعار المحروقات وسواها من مواد استهلاكية، وإن مسار الانهيار المالي عموما بدا شديد الوطأة على اللبنانيين الذين يتلقون الضربات من كل الإتجاهات.
وفي هذا السياق، وبعد تراجع الليرة اللبنانية في السوق السوداء، أغلق المتظاهرون طرقات عدة في بيروت لفترة وجيزة، كما في الشمال، في طرابلس والجنوب إذ أضرم متظاهرون النار في إطارات السيارات في صيدا.
وفي الوقت الذي يطمئن فيه وزير الاقتصاد والتجاري في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام الللبنانيين بأن البنك الدولي وافق إعطاء الوزارة قرضا ميسرا بقيمة 150 مليون دولار، ما زال “مسلسل” الفراغ الرئاسي يهدد كل الدولة ومؤسساتها وفي مقدمها مجلس النواب نفسه.
وبما أن اللبنانيين يتركون لتدبر أمورهم بأنفسهم في مواجهة واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث، على حد تعبير البنك الدولي ، فإن التطورات السياسية والمالية الأخيرة تؤكد المأزق السياسي الذي يتعمد فيه القادة اللبنانيون الحفاظ على البلد لأشهر، ربما لسنة وليس للأجيال القادمة .
هناك حاجة ملحة للخروج من هذا الوضع غير المنظم وغير المقبول الذي يسمح للقوى السياسية التلاعب بمستقبل المودعين المعتصمين اليوم تحت عنوان “العدالة للمودعين” أمام مصرف لبنان في الحمرا، رفضا للتعاميم الصادرة عن المصرف المركزي معتبرين أنها مجحفة بحقهم، وتساهم في ضرب أموالهم الخاصة.
ومصادر مطلعة ل”رأي سياسي” اعتبرت أن مقولة “استقبل وودع” تنطبق في الوقت الراهن على رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي يعرض الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية وأبرزها الملف الرئاسي مع أغلبية الكتل السياسية “المتصارعة”، بالأمس كان رئيس حزب التيار الوطني جبران باسيل، واليوم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، و”لن تجري الرياح بما يشتهي باسيل.”
أما “فيلم” القضاء اللبناني الذي لم ينته بعد بين القاضي طارق البيطار والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، غداة تسريب أسماء المدعى عليهم الجدد في ملف تفجير المرفأ وتحديد مواعيد جلسات التحقيق معهم حول العدلية إلى “مسرحية” لن تنتهي إلا بعد صدور القرار الظني.
التحدي بين الأطراف “المتصارعة” يقود المشرع القانوني العدول عن بعض الإجتهادات التي أدخلت القضاء معارك مزدوجة غير قابلة للمسايرة، إذ أن “مكفوف اليد” حسب تعبير عويدات لا شرعية قانونية لقراراته، كاشفا عدم تنفيذ النيابة طلبات التبليغ، بالإضافة إلى أنه لم يعممم تنفيذ التبليغات على الأجهزة المعنية ولا حتى طلب إخلاءات السبيل، لكونها تبلغت بعودة البيطارعبر وسائل الإعلام . وخرج عويدات غاضبا متسلحا بكلمات “مشفرة”، “إذا كان لا يرانا كنيابة عامة فنحن أيضا لا نراه.”
وفي سياق الكلمات “المسلحة ” خرج النائب غازي زعيتر من لجنة العدل غاضبا واصفا المحقق العدلي “بالمريض”، متعجبا:” هول بيفهموا بالقوانين!”
يبقى السؤال، إلى متى سوف تبقى الرياح متجهة سلبا، فلا شيئ مستحيلا بالسياسة، ولكل طرف وجوده وتمثيله إذ لا يمكن لأحد إقصاء الطرف الآخروتبقى من أهداف بعض “الصبيان” المهرطقين تخريب ما تبقى من “أبيض” في هذا البلد.