صدى المجتمع

القصيفي: لا وجود لثقافة الحوار إلا في ظل الحرية

شارك نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر الاعلامي الأول الذي إقامه المكتب الاعلامي المركزي لـ”حركة امل” في فندق الريفييرا، تحت عنوان “دور وسائل الاعلام اللبنانية في بناء الخطاب السياسي الايجابي”. وكانت للنقيب القصيفي مداخلة في المحور الذي تناول موضوع:” ثقافة الحوار والتحليل السياسي” وفيما يأتي نص المداخلة:

“لست أدري لماذا إختار منظمو هذا المؤتمر ” ثقافة الحوار والتحليل السياسي” عنوانا لهذا المحور. وما هو سر التلازم بين الأمرين. لكنه يعني بطبيعة الحال الحياة السياسية بمفهومها الاشمل، وغايتها الابعد. وارى شخصيا ألا وجود حقيقيا للثقافة والحوار والتحليل السياسي إلا في ظل الحرية التي من دونها تبقى هذه الكلمات فارغة من مضمونها. في الانظمة الشمولية والدكتاتورية لا ثقافة، ولا حوار، ولا حتى تحليل سياسي خارج المكعبات الفكرية التي تحددها الاطر الرسمية. فتصبح كل هذه العناصر مجتمعة في خدمة المشروع السلطوي بكل تفاصيله.وهذا المبدأ ينطبق على الانظمة اليمينية واليسارية معا. على أن غاية الحواروالتحليل السياسي هو صناعة الرأي العام.

والثقافة في القراءة السياسية هي ألاطلاع، وفهم التاريخ واحداث والجغرافيا الطبيعية والسياسية، والحضارة على إختلاف منابعها ونوعها، والقدرة على اسقاطها على الواقع الراهن وربطها بالوقائع والوقوعات التي تقتحم المشهد العام بصورة غير متوقعة او متوقعة.وإن عالم الاعلام محكوم بفعل الثقافة، والثقافة اشعاعوأن لا حضور لها، ولا تأثير من دون تقبل الديموقراطيةالتي توفر فرصة الثقافة. كما فرصة فهم واقع الجغرافية وحركة التاريخ. والثقافة تعود المرء على توسل الحوار سبيلا إلى التواصل مع آلاخر، والتمكين من نسج علاقات تقوم على فكرة قبول إلاختلاف. فالاخر هو اناوأنا هو الآخر.وفي يوميات الانسان،وسياق النظم السياسية، لا يمكن للحوار أن يستقيم إلا ضمن هذا المفهوم الذي يعني قبول آلاخر وتوازن المعايير”. 

إن التحليل السياسي يستند إلى وقائع، وهو ليس ضربا بالرمل ولا هو تخيلات، أو قراءة عابرة لخطب، وبيانات،وتصريحات، واعلانات،غالبا ما تخالطها تمنيات سياسية او شخصية، وهو ما يسمى بالإنجليزية آل “WISHFUL THINKING” فالمحلل السياسي الذي لا يأخذ في الاعتبار الموضوعات الحسية ووقائع الارض،ويستقريء الحدث إنطلاقا منها،يكون مجرد عراف يجيد التكهن ليس اكثر. وللاسف فإن نسبة غير قليلة من المحللين، أو يقدمون أنفسهم بهذه الصفة في وسائل الاعلام،هم إلى العرافة والكهانة أقرب. وربما مرد ذلك إلى عدم القدرة على التفريق بين الموقف والتحليل. باستطاعة المرء أن يجاهر بموقف ويحسن الدفاع عنه وأن يقنع آلاخرين به، لكنه موقف وليس تحليلا.

وختم: “مما تقدم يتبين كم هو ملح أن تكون ثقافة الحوار هي المحرك الرئيس لكل نشاط عام، خصوصا ما يتصل منه بالسياسة، وأن تكون الثقافة الشاملة المدعمة بالجنوح الدائم إلى الحوار، كوسيلة فضلى للتواصل مع آلاخر المختلف، لكي يكون التحليل السياسي ذا دور كبير في إيضاح الاحداث والوقائع، ومحاولة افهامها للرأي العام بأسلوب مباشر ومبسط، لا يزيدها غموضا وارباكا كما نجد لدى بعض الذين يشطحون ويخلطون حابل الممكن بنابل المستحيل، ويفلتون العنان لمخيلاتهم . فلا ثقافة من دون حوار. وأن ثقافة الحوار القائمة على المعرفة والفهم، هي التي تثمر تحليلا سياسيا سليما يركن إليه”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى