القانون الدولي لحقوق الإنسان.. فكرة بدأت عبر الزمن
تتجذر فكرة حقوق الإنسان في أعماق تاريخ البشرية، حيث انبثقت من التجارب الإنسانية والمعاناة الطويلة التي عاشها الإنسان في رحلته نحو الحضارة. قبل أن تأخذ مفهوم حقوق الإنسان الشكل الحديث الذي نعرفه اليوم، كانت البشرية تعيش في عصور تميزت بالظلم والاستبداد، حيث كانت القوة هي السائدة والضعفاء كانوا عرضة للاستغلال والظلم.
تعود جذور فكرة حقوق الإنسان إلى العديد من الثقافات والحضارات القديمة، حيث وجدت مظاهر مبكرة منها في المفاهيم الأخلاقية والدينية. يُعتبر مثلاً، الرمز الشهير لقانون حمورابي، الذي صدر في بابل في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، بمثابة أحد أقدم المحاولات لتحديد حقوق وواجبات الأفراد في المجتمع.
ومع مرور الزمن وتطور المجتمعات، بدأت فكرة حقوق الإنسان تأخذ شكلاً أكثر تحديدًا في الفلسفة والفكر السياسي. ومع بزوغ النهضة الأوروبية في العصور الوسطى، بدأت مفاهيم حقوق الإنسان تتطور بشكل أسرع، حيث بدأت الفكرة تتجاوز الحدود الجغرافية وتترسخ في قوانين وأنظمة الدول المختلفة، وصولًا إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي سنستعرض تفاصيله في هذا الملف من موقعنا “رأي سياسي”.
ما هي حقوق الإنسان؟
حقوق الإنسان هي حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. إن لنا جميع الحق في الحصول على حقوقنا الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة.
القانون الدولي لحقوق الإنسان:
يرسي القانون الدولي لحقوق الإنسان التزامات تتقيد الدول باحترامها والتصرف بطرق معينة أو الامتناع عن أفعال معينة، من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد أو الجماعات.
يعتبر وضع مجموعة شاملة من قوانين حقوق الإنسان واحدة من الانجازات العظيمة للأمم المتحدة، فهي مدونة شاملة ومحمية دوليا التي يمكن لجميع الدول الاشتراك. وقد حددت الأمم المتحدة مجموعة واسعة من الحقوق المتعارف عليها دوليا، بما فيها الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. كما أنشأت آليات لتعزيز وحماية هذه الحقوق ومساعدة الدول في تحمل مسؤولياتها.
اعتمدت الجمعية العامة في عام 1945 و 1948، على التوالي ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر أساسا لهذه المجموعة من القوانين. ومنذ ذلك الحين، وسعت الأمم المتحدة قانون حقوق الإنسان تدريجيا ليشمل على معايير محددة للنساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات والفئات الضعيفة الأخرى، الذين يملكون الحقوق التي تحميهم من التمييز الذي طالما كان شائعا في العديد من المجتمعات.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) وثيقة بارزة في تاريخ حقوق الإنسان، وصاغ الإعلان ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1948 بموجب قرار الجمعية العامة 217 ألف كمعيار مشترك للإنجازات لكافة الشعوب والأمم. ويحدد، لأول مرة، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالميا. منذ اعتماده في عام 1948، تُرجم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى أكثر من 500 لغة – الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم – وألهم دساتير العديد من الدول المستقلة حديثًا والعديد من الديمقراطيات الجديدة. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى جانب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكوليه الاختياريين (بشأن إجراءات الشكاوى وعقوبة الإعدام) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتشكل ما يسمى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيز التنفيذ في عام 1976، ومن ضمن حقوق الإنسان الذي يسعى العهد تعزيزها وحمايتها ما يلي:
- الحق في العمل في ظروف عادلة ومرضية.
- الحق في الحماية الاجتماعية، ومستوى معيشي لائق والحق في أعلى مستوى يمكن بلوغه من الرفاه الجسدي والعقلي؛
- الحق في التعليم والتمتع بفوائد الحرية الثقافية والتقدم العلمي.
- الحقوق المدنية والسياسية
دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الأول حيز التنفيذ في عام 1976. وتم اعتماد البروتوكول الاختياري الثاني في عام 1989.
ويتضمن هذا العهد على حقوق منها حرية التنقل؛ والمساواة أمام القانون؛ والحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة؛ حرية الفكر والوجدان والدين؛ وحرية الرأي والتعبير، والتجمع السلمي؛ وحرية المشاركة؛ والمشاركة في الشؤون العامة والانتخابات؛ وحماية حقوق الأقليات؛ ويحظر الحرمان التعسفي من الحياة؛ والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والعبودية والسخرة؛ والإعتقال التعسفي أو الاحتجاز؛ والتدخل التعسفي في الحياة الخاصة؛ والدعاية الحربية؛ والتمييز؛ والدعوة إلى الكراهية العنصرية أو الدينية.
اتفاقيات حقوق الإنسان
تم توسيع هيكل القانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال سلسلة من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من الصكوك المعتمدة منذ عام 1945. وشملت على اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية (1948)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979)، واتفاقية حقوق الطفل (1989)، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006)، وأمور أخرى…