القادة العسكريون في الغابون يسعون لتعزيز سلطتهم رغم الإدانات الدولية.
علق الاتحاد الأفريقي الخميس عضوية الغابون بعد أن أطاح ضباط بالرئيس علي بونغو، في أول رد إقليمي على ثامن انقلاب في غرب ووسط أفريقيا منذ عام 2020.
وينهي الانقلاب سيطرة عائلة بونغو على السلطة التي استمرت لقرابة ستة عقود، ويخلق معضلة جديدة لمنطقة تكتسحها موجة انقلابات وصفها الرئيس النيجيري بولا تينوبو بأنها “عدوى الاستبداد”.
ويسعى القادة العسكريون في الغابون إلى تعزيز سلطتهم على الرغم من الإدانات الدولية، مثل غيرهم من المجالس العسكرية الأخرى التي استولت على السلطة في المنطقة.
ومن المقرر أن يؤدي الجنرال بريس أوليغي نغيما، قائد الانقلاب والرئيس السابق للحرس الرئاسي، اليمين كرئيس للبلاد يوم الإثنين.
اجتماع وشيك لـ “إيكواس”
وقال تينوبو، الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، الخميس “تأكدت مخاوفي في الغابون من أن المقلدين سيبدؤون في فعل الشيء نفسه حتى يتم إيقافهم”.
واتخذ مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد التابع للاتحاد الأفريقي أول خطوة الخميس بتعليق مشاركة الغابون في جميع أنشطة الاتحاد وأجهزته ومؤسساته لحين عودة النظام الدستوري في البلاد.
ونددت المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا “إيكواس” بالانقلاب في بيان، وقالت إنها تعتزم عقد اجتماع “وشيك” لزعماء دول المنطقة لتحديد كيفية الرد. ولم تحدد موعداً.
غوتيريش: الانقلابات العسكرية تفاقم مشاكل الدول
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس، بعد عدة انقلابات في أفريقيا، أن “الحكومات العسكرية ليست الحل” لمشاكل الدول بل “تفاقمها”.
وقال غوتيريش للصحافيين تعليقاً على “سلسلة الانقلابات في الأشهر الأخيرة، خاصة في أفريقيا”، إن “العديد من الدول تواجه تحديات عميقة في الحكم. لكن الحكومات العسكرية ليست الحل”.
وأضاف أن الحكومات العسكرية “تزيد المشاكل سوءاً. فهي لا تستطيع حل الأزمة، بل يمكنها فقط أن تفاقمها”. وتابع الأمين العام للأمم المتحدة “أدعو كل البلدان إلى إنشاء مؤسسات ديمقراطية ذات مصداقية ودولة القانون”.
وأعلن كبار ضباط الجيش في الغابون انقلابهم قبل فجر الأربعاء بعد فترة وجيزة من إعلان لجنة الانتخابات فوز الرئيس بونغو بفترة رئاسة ثالثة بفارق كبير في الأصوات في الانتخابات التي أجريت يوم السبت. وأعلن المجلس العسكري أن الانتخابات لاغية وباطلة. وحل مؤسسات الدولة وأغلق الحدود.
وفي وقت لاحق الأربعاء، ظهر بونغو في تسجيل مصور وهو محتجز في مقره ويطلب من الحلفاء الدوليين المساعدة، لكنه لم يكن على دراية في ما يبدو بما يحدث حوله.
المعارضة تشكر المجلس العسكري
ووجه حزب المعارضة الرئيسي في الغابون، البديل 2023، الشكر للمجلس العسكري الخميس لإنهائه سيطرة أسرة بونغو طويلة الأمد على السلطة.
لكن مايك جوكتان، النائب عن الحزب، قال إنه يجب على قادة الانقلاب إنهاء ما وصفه بأنه عملية فرز غير مكتملة للأصوات. وأضاف أن النتيجة الكاملة ستُظهر فوز مرشح حزب البديل 2023، ألبرت أوندو أوسا.
وفي النتائج الرسمية التي أعلنت الأربعاء، جاء أوندو أوسا في المركز الثاني بفارق كبير عن بونغو.
وقال جوكتان إن المعارضة مستعدة لإجراء محادثات مع المجلس العسكري “لتجنب مستقبل أكثر قتامة لبلادنا من ذاك الذي تفاداه”.
إغلاق الحدود
وقال المجلس العسكري في بيان الخميس إنه استأنف الرحلات الجوية الداخلية وأعاد تشغيل بعض مؤسسات الدولة بما في ذلك المحكمة الدستورية. لكن الحدود البرية والجوية ما زالت مغلقة.
وقالت لـ “رويترز” إن الشاحنات والسيارات والدراجات النارية اصطفت الخميس في طوابير طويلة على حدود الغابون مع جنوب الكاميرون.
وتأتي الأحداث في الغابون في أعقاب انقلابات في الآونة الأخيرة في كل من مالي وغينيا وبوركينا فاسو وتشاد لتعصف بكل المكاسب الديمقراطية التي تحققت منذ التسعينيات وتثير مخاوف القوى الأجنبية التي لها مصالح استراتيجية في المنطقة. وأظهرت الانقلابات أيضاً محدودية نفوذ القوى الأفريقية بمجرد استيلاء الجيش على السلطة.
وهددت “إيكواس” بالتدخل العسكري في النيجر بعد انقلاب عسكري في 26 يوليو (تموز) وفرضت عقوبات، لكن المجلس العسكري لم يتراجع. كما قاوم قادة عسكريون في أنحاء أخرى بالمنطقة، مثلما حدث في مالي، الضغوط الدولية. ونجحوا في التمسك بالسلطة بل حظي بعضهم بدعم شعبي.
وخرج المئات إلى شوارع ليبرفيل عاصمة الغابون ابتهاجاً بالانقلاب العسكري. وساد هدوء أكبر الخميس في المدينة مع عودة الناس إلى أعمالهم على الرغم من سيطرة قوات الأمن على الطرق الرئيسية.
وتقلصت شعبية بونغو في غمرة مزاعم بالفساد وبعد الانتخابات الصورية، كما أنه تقاعس عن بذل الجهد لإنفاق المزيد من ثروة البلاد النفطية والتعدينية على الفقراء في البلاد. وتولى بونغو السلطة عام 2009 بعد وفاة والده عمر الذي حكم منذ عام 1967.
وعبر الاتحاد الأفريقي وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عن مخاوفهم المتعلقة بالانقلاب. لكنهم لم يوجهوا مناشدات مباشرة لإعادة بونغو إلى منصبه. وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن الانتخابات غصت بالمخالفات لكن الاتحاد الأوروبي يرفض الاستيلاء على السلطة بالقوة.
وأثار غياب المراقبين الدوليين وتعليق بث بعض وسائل الإعلام الأجنبية وقرار السلطات قطع خدمة الإنترنت وفرض حظر ليلي للتجوال في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات مخاوف بشأن شفافية العملية الانتخابية.