أبرزشؤون لبنانية

الفرزلي : عون اعتقد أنّه «الحاكم بأمر الله» وفي النهاية «راح عالبيت وهو ينعى الجمهورية»

كان «دولة الرئيس» إيلي الفرزلي واحداً من «مجموعة الستة» الذين عملوا لتعبيد طريق العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية ولكنّه أيضاً كان واحداً من الذين تركوه بعد وصوله إلى بعبدا واكتشفوا أنه الرئيس الذي ضيّع الفرص الكثيرة من أجل أن يؤمّن الرئاسة لصهره جبران باسيل مستنداً إلى دعم «حزب الله». في ظل هذا الدعم يقول الفرزلي، ل”نداء الوطن” إنّ عون اعتقد أنّه «الحاكم بأمر الله» وأنّه يستطيع أن يدمّر سمير جعجع ونبيه بري ووليد جنبلاط وسعد الحريري. ولكنّه في النهاية «راح عالبيت وهو ينعى الجمهورية». ماذا يقول الفرزلي أيضاً في هذا الحديث ؟

في الأساس الذي أخذني إلى ميشال عون مسألتان أساسيتان: الأولى تصرّف 14 آذار معه بعد الـ2005 الذي لم يكن تصرفاً عقلانياً، وبالتالي أدّى ذلك إلى إغلاق بيوتات سياسية كثيرة. ورأيت في الوقت نفسه أنّ هناك 14 نائباً مسيحياً في كنف «تيار المستقبل» ومثلهم في كنف «الثنائي الشيعي» وأقل منهم عند وليد جنبلاط. قلت كيف نقبل بذلك؟ هذا الأمر أدّى إلى خلل كبير على المستوى الوطني. في هذا الجو أتى ميشال عون وكنت في موقع مخاصم له، كما كنت ضده في مرحلة 1988 – 1990 ورأيت أنّ شعاراته الوهمية أدّت إلى إسقاط الجمهورية الأولى وإنتاج «الطائف» الذي حمل في طيّاته تراجعات في الدور المسيحي الماروني في النظام السياسي، وقلت هذه ظاهرة يجب أن يعاد النظر فيها خصوصاً بعد محاولة عزله.

وعن التمثيل مسيحي صحيح بين عامي 1992 و2005 قال الفرزلي: كان ميشال عون منفياً وكنت ضد قرار نفيه. وكان سمير جعجع معتقلاً بعدما كان جزءاً من الطائف. أنا طالبت في مجلس النواب في العام 1991 بأن يكون العفو شاملًا من دون أستثناءات وبالتالي «قبل ما روح عند ميشال عون رحت على القانون الأرثوذكسي» الذي رأيت فيه مخرجاً حقيقياً للمناصفة الحقيقية والفعلية في البلد مع الحفاظ على الديمقراطية في الطوائف لأننا نطبّق النسبية في كل طائفة. هذا الإقتراح فتح الباب للتعاون مع عون بعدما تبنّاه، وفي مرحلة التعاون معه قدّمنا هذا الإقتراح وكان التنسيق، وذهبت نحو التعاون معه في الموضوع الرئاسي.

اليوم يجب أن نضع بكل قلب أبيض خلافاتنا وراء ظهرنا للتفكير في كيفية إنقاذ البلد لأنّه لم يعد يحتمل. هناك شخصيات كثيرة محترمة في البلد يمكن أن تتبوأ منصب رئاسة الجمهورية. ولكنني أفتش عن الشخصية التي يمكن أن تكون قادرة على لعب الدور وتنفيذ مهمة إنقاذ البلد حيث المشكلة واضحة في الإنقسام حول سلاح «حزب الله «وحول مصير العلاقة مع سوريا وفي العلاقات غير السوية مع دول الخليج. من يصلح كل ذلك؟

وأضاف : لم أغير نظرتي بعون إطلاقاً. هم الذين غيّروا. بعد انتهاء معركة فجر الجرود وإقرار قانون الإنتحابات الجديد بدأت أرى أنّ ممارسة العهد بدأت تتجه نحو الخطأ. قمّة هذا التباين كانت في 30 تشرين الأول 2019، عندما اختلفنا حول من يجب أن يكون رئيساً للحكومة وتمسّكت بسعد الحريري بالرغم من أنّه لم تكن هناك أي علاقة بيني وبينه منذ العام 2005. العكس كان الصحيح. طرحت على جبران باسيل «أَخرِج نفسك من دائرة الإستهداف». قلت له: يمكنك أن تختار الوزراء المسيحيين من خلال عمِّك كما كان يحصل و»خلّيك عامل علاقة مع الشيعة ومع السنّة عبر إغراق سعد الحريري بالتأييد وانشالله الأمور بتروح على توافق سني شيعي في المنطقة». وكان سعد الحريري أعلن في 14 شباط قبل ذلك أنّه لن يكون رأس حربة في الفتنة السنية الشيعية. هذا الموضوع كان نقطة تحوّل مركزية بالنسبة إليّ لأنه كان المطلوب قيادة سنية تحافظ على السلم الأهلي ولا تقوم بردّات فعل مذهبية وكنت أرى أن الخطر على المسيحيين هو في الصراع السني الشيعي على البلد وليس العكس. هذه نظرة تكتيكية لا استراتيجية. «رفض جبران باسيل كلامي ونصائحي واختلفت أنا وياه وفلّيت».

ألم يبدأ التباعد بعد انتخاب عون؟ ما كان موقعك في «تكتل لبنان القوي»؟ ماذا كنت تفعل هناك؟

بقيت. لاحظت أنّ جبران يغنّي على ليلاه. «ما حسّيت على رئيس الجمهورية بالأول. عم أحكيك بصراحة». كنت أشعر أنه يتفاعل إيجاباً مع كلامي. كان عندي علامة استفهام حول انتخابات العام 2018. عندما أصرّ جبران باسيل على موقعين مسيحيين. قرأتها بكل وضوح. أُلبِست لبوس القانون الأرثوذكسي والسنّة ضدّي. و»الشيعة ما بيعطوني. والدروز ضدّي. وجماعة جبران بيعطوا الحزبي اللي بدّو يرشّحو معي». اعتبرت هذا الموضوع تآمراً عليّ. ولكنني سكتّ واتفقت سراً مع الرئيس نبيه بري أن يحفظ مكاناً فارغاً لي على لائحته. كان التفاوض بين جبران باسيل وسعد الحريري. «عندما رُفض هناك إجا يلبط بالأرض بدّو 2 هون. قلت له بخاطرك. بعدين رجع أُجبِر يأيّدني. رجع نيابة رئاسة المجلس طلب إنو بلاها. وقال ليش ما بيكون الياس بو صعب وبتكون أنت نائب رئيس الحكومة؟ قلت له: كل الوزراء وكل الحكومة مع بعضها لا أبدلها مع نيابة رئاسة مجلس النواب. بخاطرك. ما صار في مشكل بمعنى المشكل وبقيت أحضر اجتماعات التكتل». ولكن العين تفتحت على خلاف..

أما الخلاف الكبير وقع بعدما فتح عليّ جبران بشتائم وأدبيات حقيرة ظنًّا منه أنه يمكنه أن ينال من إرادتي. مسكين. قلت وقتها «يا عمي البلد راح». علِّقوا الدستور وخلّي الجيش يستلم الحكم لمدة سنة. «كانت فكرة طرحتها ولكن مش على أساس بكرا رح تصير». كنت أفكر وجدانيا بالوضع. «شايف البلد منهار والجوع ضارب طنابو وودائع الناس طارت». وتم إعلان إفلاس البلد. هذه المسألة اعتبرتها تآمراً ممنهجاً لدفع الأمور إلى الإنهيار عندما أخذوا القرار بعدم محاورة الدائنين وعدم المطالبة بتقسيط الدين العام وعدم دفعه وإعلان البلد مفلساً وذهبوا إلى الحديث عن خمسة مصارف ليوزّعوها على بعضهم كما توزّعوا وسائل الإعلام سنة 1991. قلت هذه قصّة كبيرة. «خلّي الجيش يستلم لمرحلة معينة وبتوافق سياسي. مش عم أحكي بمنطق انقلابي». لا أنا أقدر أن أعملها ولا قائد الجيش جوزف عون قادر يعملها وهو شخص محترم وجدير بالإحترام والدليل أن مؤسسة الجيش عملت دراسة عن الخط 29 وهي دراسة صحيحة أيّدَتها الدراسة البريطانية وعندما اتُّخذ القرار السياسي في مجلس الوزراء بتصديق الترسيم الأخير على أساس الخط 23 التزم وما عارض. هذا هو جوزف عون الذي يعطي نموذجاً جيداً عن منطق دولة المؤسسات. هذا الأمر فجّر الخلاف بيني وبينهم وقامت قيامتهم.

وعن الفرص الذي ضيعها عون قال : منذ اليوم الأول لاستلامه السلطة لم يرَ نفسه رئيساً للجمهورية في أي لحظة من اللحظات. رأى نفسه في موقع وأراد أن يحول هذا الموقع إلى دكتاتورية ثورية مستمرة لتأمين الإستمرارية الموثوقة من بعده إلى صهره جبران باسيل. «زعلوا مني بالتيار لما حكيت عن هذه الإستمرارية».

وعن غطاء «الحزب» الذي لم يريد غيره عون قال الفرزلي: طبعا. بهذه القوة الإستثنائية «للحزب» مع قوته الشعبية مع قوة الشرعية يستطيع أن يذهب بعيداً في تدمير كل القوى. جوبهت بهذا الكلام في اجتماع للتكتل. وقفت وقلت يجب أن تحافظ على التسوية مع سعد الحريري. أحد الأشخاص كان في التكتل وجالساً قرب جبران باسيل ردّ عليّ وقال: وكيف بدّنا نخلص من الحريرية؟ «طيّب ما أنت عامل اتفاق معو». ما كنت عارف بمخطط الخلاص من الحريرية. ذهبت لعند سعد الحريري قال لي إن الرئيس عون أرسل له من يبلغه «جيت مع جبران بتفلّ مع جبران». وأضاف: أنا عملت اتفاق مع زعيم المسيحيين وأنا زعيم طائفة طويلة عريضة بالبلد صرت بدي أجي مع جبران وفل مع جبران؟ لأ.

وليد بك جنبلاط تحبّه أو لا تحبه، لا علاقة بيني وبينه طلع على دير القمر. دعيوه عام 2019 إلى قداس واحتفال في ذكرى 16 آذار (1977) . «إجا جبران عمل خطاب وصار يحكي كلام فوق السطوح». ولكن جنبلاط استوعب هذا الأمر واحتوى الوضع. عاد جبران كرر القصة بقبرشمون. لا دخل لي بهذه الصراعات ولكنني أتحدث في العناوين العريضة.

الرئيس نبيه بري. عندك «حزب الله» قوة أساسية بالطائفة الشيعية. لا تريد الرئيس بري، عال. هذا رئيس مجلس نواب كيف تكيل له الشتائم والمسبّات والإهانات؟ لماذا هذا التحريض لفئة ضد فئة؟ لزرك «حزب الله» ودفعه باتجاه الفتنة بينه وبين نبيه بري التي فشل فيها جبران؟ هل هذا تعهّد يقوم به لمصلحته الشخصية المحلية أم لدول أجنبية؟ وهذه في الحالتين مسألة كارثية. جعجع واتفاق معراب. سعد الحريري. وليد جنبلاط. نبيه بري… لماذا؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى