رأي

الفايننشال تايمز: هل تحتاج الولايات المتحدة إلى التركيز على معاقبة بوتين ماليا؟

كنب الصحافي ديفيد أشر تقريرا نشرته صحيفة الفايننشال تايمز، بعنوان “الولايات المتحدة تحتاج إلى توجيه عقوبتها المالية إلى بوتين نفسه”.

ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى جولة أوروبية قام بها نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أديمو، الشهر الماضي في مسعى إلى تشديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا وتعزيز إجراءات تجميد أصول تستهدف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونخبته، مع توجيه رسالة واضحة إلى داعمي موسكو و”أي شخص قد يكون في وضع يسمح له بمساعدة روسيا على تحقيق استفادة وتفادي العقوبات”.

ويضيف الكاتب أنه على الرغم من الضغوط الاقتصادية غير المسبوقة، فإن الكثير من شبكة بوتين المالية لا يزال تعمل، مشيرا إلى أن العقوبات المالية، مهما كانت واسعة النطاق، فلن تحقق أهداف الولايات المتحدة إلا إذا استهدفت بوتين نفسه، إذ تحتاج واشنطن وحلفاؤها إلى استراتيجية حرب مالية لتعطيل ما يوصف بـ “اقتصاد القصر” التابع للرئيس الروسي.

ويرى أشر أنه يجب أن ينصب التركيز الأساسي لهذه الحملة على البنية التحتية للشركات المحيطة بـ”بنك بوتين الشخصي”، بنك “روسيا”، الذي تضرر لأول مرة من عقوبات واشنطن في عام 2014 بسبب صلاته بمسؤولين في الكرملين، إذ تعمل الولايات المتحدة بالفعل على زيادة الضغوط المالية على شبكات بنك روسيا ومساهميه وشركائه، وعلى الرغم من ذلك لا يزال البنك يزاول نشاطه، ويستطيع بوتين عن طريقه تحويل الأموال في جميع أنحاء العالم.

ويتطرق الكاتب إلى نظام بنك روسيا المعقد الذي يشمل شركات قابضة وعددا لا يحصى له من واجهات الشركات المملوكة لرجال أعمال في دول مثل قبرص وهولندا، والتي تعمل كجهات تحويل مالية غير بنكية.

ويقول أشر أنه من أجل دفع بنك روسيا إلى حافة الهاوية وإضعاف الموارد المالية لبوتين، يجب استهداف العلاقة التي تجمع تلك الشركات ببعضها، ليس بالعقوبات فحسب، بل من خلال عمليات مالية واستخباراتية وإلكترونية تتسم بالسرية.

ويضرب الكاتب مثالا بعلاقة شركة “تيلكريست المحدودة للاستثمارات”، ومقرها قبرص، وهي إحدى أكثر الجبهات شهرة في بنك روسيا، وأفراد يخضعون لعقوبات داخل الدائرة المقربة من بوتين، بما في ذلك رئيس البنك، يوري كوفالتشوك..

وعلى الرغم من ذلك، ولسبب غير مفهوم، لم تضع وزارة الخزانة الأمريكية شركة “تيلكريست”، ولا الشركة الهولندية الشقيقة “إيه بي آر للاستثمار” على قوائمها، رغم أن شركة “إيه بي آر أو إس”، الشركة الأم لشركة “إيه بي آر” ومالكتها بنسبة 100 في المئة، تخضع لعقوبات منذ عام 2014 بسبب موقعها المركزي في شبكة بنك روسيا، والسؤال هو، لماذا لا؟

ويقول أشر في مقاله إن ممثلي وزارة الخزانة قد يبررون بأنه نظرا لأن بنك روسيا لا يمتلك من الناحية الفنية سوى حصة أقلية في شركة “تيلكريست”، فإنه غير خاضع للعقوبات، وهذا يكشف نقطة ضعف في استراتيجية العقوبات الأمريكية، والتي تعرف باسم “قاعدة الـ50 في المئة” الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية “أوفاك”، والتي تنص على عدم حظر شركة يديرها شخص أو أكثر من المحظورين في حالة عدم ملكيتهم النصف أو أكثر من حصة الشركة.

ويضيف الكاتب أنه إذا أردنا تعزيز فعالية الضغوط المالية، فلابد من إلغاء قاعدة الـ50 في المئة على الفور، كما يجب على “أوفاك” تحديد الشركات التابعة والفرعية علنا حتى تستطيع البنوك تحديد من تستهدف، ويعرف الحلفاء من الدول الأوروبية والآسيوية الأصول التي يجب تجميدها ومصادرتها.

كما يتحدث أشر عن عامل آخر وهو إحجام واشنطن عن استخدام أداة تتصدى لشبكات التمويل غير المشروعة: المادة 311 من قانون باتريوت الأمريكي، والذي يسمح لوزارة الخزانة بتصنيف مؤسسة مالية على أنها “مصدر قلق رئيسي لغسيل الأموال”، وقد استُخدمت مرارا لعزل بنوك عن النظام المالي الأمريكي، وبالنظر إلى السيادة العالمية للدولار، فإن هذا يشل فعليا أهداف الولايات المتحدة المتعلقة بنشاط غسيل الأموال.

ويحث الكاتب على ضرورة تصنيف بنك روسيا بموجب القسم 311، وكذلك البنوك القبرصية التي تخدم شبكته.

وأخيرا، على الرغم من المعارضة الأوروبية، تحتاج الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على أكبر شركات تحقق عائدات مالية في عهد بوتين، وهي شركات “غازبروم” و”غازبرومبانك” و”روسنفت”، إذ يستفيد بوتين من ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي.

ويختتم أشر مقاله بضرورة أن يكون هدف العقوبات واحد، وهو تضييق الخناق على بوتين ماليا، وإرساء دعائم تتيح للمعارضين داخليا عزله.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى