اقتصاد ومال

الغلاء والفقر يزيدان ديون الأردنيين… وتحذيرات من تداعيات اقتصادية

تزداد ديون الأفراد في الأردن لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بنهاية العام الماضي، مسجلة 18.34 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 10% على أساس سنوي، إذ سجلت نحو 16.7 مليار دولار في 2021، في مؤشر يعكس تراجع مستويات المعيشة والحاجة للاقتراض لتلبية الاحتياجات الأساسية والإنفاق الاستهلاكي بحسب محللين.

وتظهر أحدث بيانات للبنك المركزي، اطلعت عليها “العربي الجديد” أن تصاعد المديونية يرجع كذلك إلى تراكمها على شرائح من المقترضين، حيث قامت البنوك خلال العامين الماضيين بتأجيل سداد مديونيات العملاء المتضررين من جائحة فيروس كورونا أو بمناسبة الأعياد.

واستحوذت القروض العقارية على النسبة الكبرى من مديونية الأفراد لصالح البنوك، إذ شكلت حوالي 38.5% من إجمالي هذه القروض في نهاية العام الماضي، تلتها القروض والسلف الشخصية، التي استحوذت على 34.7% من إجمالي القروض، ومن ثم القروض الاستهلاكية التي شكلت 14.5% وقروض السيارات 12.3%، مقابل 11.9 في العام 2021.

قال عضو اللجنة المالية في مجلس النواب ضرار الحراسيس لـ”العربي الجديد” إن ارتفاع مديونية الأفراد يعكس حالة المعيشة وتراجع الأوضاع الاقتصادية وعدم كفاية دخل الأفراد للإنفاق على متطلبات أساسية وحاجات متعددة أهمها توفير السكن وشراء السيارات وكذلك توفير متطلبات التعليم والصحة في بعض الحالات.

وأضاف الحراسيس أن البنوك قامت في السنوات الأخيرة بتأجيل استيفاء أقساط القروض المستحقة على الأفراد لعدة أشهر بناء على الأوضاع المعيشية التي يعانون منها، لكنها فرضت عليهم رسوماً وفوائد إضافية، ما أدى إلى ارتفاع إجمالي المديونية.

وأشار إلى أن إقبال الأفراد على البنوك في ارتفاع مستمر بسبب تراجع الأوضاع المعيشية وارتفاع نسب البطالة والفقر، وهذا سيؤدي إلى مزيد من تفاقم مديونية الأفراد المستحقة للبنوك ومؤسسات مالية أخرى، سيما مع الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار الفائدة استجابة لقرارات البنك المركزي وتماشيها مع سياسات البنك الفدرالي الأميركي منذ العام الماضي.

ووفق بيانات البنك المركزي فإن عدد قروض الأفراد الممنوحة من البنوك بلغ في نهاية العام الماضي حوالي 854 ألف قرض مقابل 884 ألف قرض في نهاية 2021، بانخفاض 30 ألف قرض وبنسبة تراجع 3.4%.. وبشأن عدد بطاقات الائتمان الممنوحة من البنوك للأفراد فقد بلغ عددها 396 ألف بطاقة في نهاية العام الماضي بارتفاع مقداره 60 ألف بطاقة ائتمانية وبنسبة 17.8%. ولفتت البيانات إلى أن 79.4% من القروض منحت للأفراد، حصة الإناث منها 20.6%

وارتفعت نسبة تسهيلات الأفراد إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة منذ 2019 لتصل الى 38.7% في نهاية العام الماضي. وتعتبر نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد المقترضين من البنوك إلى دخلهم والتي تقاس بقيمة الأقساط والفوائد الشهرية التي يدفعها المقترض نسبة إلى دخله الشهري المنتظم من أهم النسب التي تقيس مخاطر مديونية الأفراد على البنوك وعلى الأفراد أنفسهم.

وأشار البنك المركزي إلى أن لارتفاع هذه النسبة آثار سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي وتؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على السداد ما يزيد من نسب التعثر المالي لدى البنوك، كما أن ارتفاع هذه النسبة يضعف قدرة الأفراد على الإنفاق والاستهلاك مما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي.

وبلغ إجمالي القروض السكنية الممنوحة للأفراد من قبل البنوك في نهاية 2022 أكثر من 5 مليارات دينار (7 مليارات دولار) مقابل نحو 4.7 مليارات دينار نهاية العام السابق له، بارتفاع بلغت نسبته 6.1%.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ”العربي الجديد” إن مديونية الأفراد التي يتناولها البنك المركزي تتعلق بالقروض الحاصلين عليها من البنوك فقط، لكنها في الواقع أعلى من ذلك بكثير، حيث إن هنالك آلاف الأشخاص المدانين لمؤسسات مالية مختلفة داخل الأردن ومحلات تجارية تبيع بالأٌقساط إضافة إلى الاستدانة من الغير أي “شخص لشخص”.

وأٌضاف عايش أن “كلف الاقتراض باتت أكثر عبئاً اليوم بسبب أسعار الفائدة المرتفعة، ما يرتب أعباء كبيرة على المقترضين، إلا أن الأفراد مضطرون للاقتراض مهما كانت الكلف بسبب حاجتهم للأموال وخاصة لشراء المساكن والسيارات والتعليم وغيرها”.

ووفقا لبيانات رسمية كشفت عنها أخيراً وزيرة الدولة للشؤون القانونية الأردنية سابقاً وفاء بني مصطفى، فقد تجاوز عدد المطلوبين للقضاء في حالات تعثر مالية أكثر من 153 ألف شخص.

ويقدر عدد حالات التعثر المالي بأكثر من مليون شخص لأغراض مختلفة. وأجرت الحكومة تعديلات على قانون التنفيذ القضائي تم بموجبها التوسع في حالات عدم الحبس خاصة الديون التي تقل عن 5 آلاف دينار. ويعتمد نمط المعيشة للشعب الأردني بشكل كبير على القروض والأقساط إذ تشكل الطبقة الوسطى نحو 80% من الشعب.

وبحسب التقديرات يبلغ عدد المقترضين الأردنيين الأفراد من البنوك بلغ حوالي 1.2 مليون مقترض وهو في ارتفاع مستمر. ووفقاً لتصنيف البنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، متوقعاً أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة إلى 27%.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى