العودة عن الاضراب … وانقسام عامودي واضح للأساتذة
شهران من الإضراب، يبدو أنها لن تكون كافية لعودة التلاميذ إلى المدارس. فبعد قرار روابط التعليم الرسمي العودة إلى التدريس اعتبارًا من اليوم، استمر الإضراب في الدوام المسائي، وكذلك أساتذة التعليم الثانوي.
معلومات خاصة ل”رأي سياسي” أكدت أن “سلسلة من الاجتماعات ستخصّص هذا الأسبوع لاستكمال البحث في تأمين الحوافز التي تقرر اعتمادها تلبيةً لمطالب أساتذة التعليم الرسمي الذين سيعودون بنحوٍ محدود اليوم، إلى صفوفهم في بعض المدارس، بعدما فشلت المساعي والعروض الجديدة لوزير التربية عباس الحلبي من إرضاء جميع روابط الأساتذة.”
ويبدو أن القسم الأكبر من الاساتذة غير موافق على هذا القرار، وهو ما سيتجلى اليوم في المدارس والشارع، إذ أن الفوضى ستعم في ظل الابقاء على الاضراب خلال الدوام المسائي، وهو المخصص لأطفال النازحين السوريين، هدفه مواصلة الضغط على المجتمع الدولي لتمويل العام الدراسي للتلامذة اللبنانيين والسوريين على حد سواء.
الهيئات الإدارية لروابط المعلمين من أساسي وثانوي ومهني، قررت مساء السبت العودة إلى التعليم، من دون عقد جمعيات عمومية للأساتذة وذلك وفق بيان شرحت فيه أنه في ظل الاستعصاء وبعد شهرين على الإضراب، “أطلقت الروابط مبادرة حلّ لتحقيق المطالب المتعلقة بوزارة التربية من أجل تعليق الإضراب، على أن تتمّ متابعة باقي الأمور مع الحكومة.”
وأضافت في البيان، أن الروابط حصلت على “الاعتراف بالحقّ الكامل في دفع الحوافز والتي أصبحت بدل انتاجية عن الأشهر الثلاثة الماضية تّصل إلى 300 دولار، وتحديد مواقيت الدّفع. وإعطاء بدل انتاجية بقيمة 125 دولاراً شهريًّا مرتبطة بالحضور بصفتها بدل إنتاجية. وإصدار قرار بإعطاء بدل نقل بقيمة 5 ليترات عن كلّ يوم حضور.”
وأشارت إلى أن “الروابط تعي تمامًا أصول العمل النقابي. فعندما يتمّ طرح مبادرات لحلّ أيّ أزمة من الخارج، عليها أن تعرضها على المندوبين والجمعيات العمومية. أمّا وأنّها تطلق مبادرة للحلّ وتقوم بالتفاوض بشأنها، وعقد جلسات متعدّدة لإقرارها، وبعد أن تصدر بقرار رسمي، فلم يعد من حاجة لعرضها على جمعيات عمومية.”
هذه الخطوات لم ترض عدد كبير من الأساتذة، ومنهم من اعتبر أن “هذا البيان غير مقبول إذ أن الهيئات الإدارية تهربت من المطالب المحقة للأساتذة. هذا وامتد إلى روابط الأساتذة نفسها، ولا سيما رابطة التعليم الثانويإذ أنه صدر بيانات عن كل فروع الرابطة في لبنان، رفضت فيه تهريب قرار العودة إلى التعليم من دون العودة إلى أسس العمل النقابي واستفتاء الأساتذة.
رواتب الاساتذة
ويشير أحد الأساتذة لموقعنا، إلى أنه “قبل الإضراب كانت قيمة المعدل الوسطي لرواتب أساتذة الثانوي مع مساعدات الدولة توازي نحو 276 دولارا (على دولار صيرفة 38 ألف ليرة). وكان بدل النقل اليومي (94 ألف ليرة) يوازي حينها نحو ثلاثة ليترات بنزين (على سعر700 ألف ليرة). بعد الإضراب، وفي حال قررت الروابط العودة إلى التعليم ، سيكون المعدل الوسطي للرواتب على سعر 70 ألف ليرة لصيرفة هو 150 دولاراً. جل ما تحقق، هو أن وزارة التربية ستدفع بدل إنتاجية عبارة عن 125 دولاراً، أي سيصبح مجموع دخل الأستاذ 275 دولاراً، بما يوازي القيمة عينها التي كان يتقاضاها الأستاذ قبل الإضراب. أما منح الأساتذة خمسة ليترات بنزين، فيعني زيادة ليتري بنزين عن فترة ما قبل الإضراب. أي كأن الإضراب الذي امتد لشهرين لم يحقق عملياً للأستاذ إلا ليتري بنزين عن كل يوم حضوري. إضافة إلى مبلغ 300 دولار تدفع كاملة عن الأشهر الثلاثة السابقة للأساتذة الذين داوموا في مدارسهم.
علما أن بدل الإنتاجية الذي ستدفعه وزارة التربية للأشهر المقبلة مرتبط بالحضور. وأي يوم غياب يعرض البدل إلى الانخفاض، وينخفض معه دخل الأستاذ عن معدله في مرحلة ما قبل الإضراب.
انقسام سياسي
رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد وفي تعليق على ما يجري، اعتبر ان” كل ما يجري اليوم هو بمثابة أخذ ورد من قبل الروابط لا تخلو من السياسة “، ووصف ما يجري في التعليم الثانوي بأنه “انقسام عامودي حاد بدأ منذ انتخابات الرابطة.”
قرار عودة رابطة التعليم الأساسي إلى التعليم اتخذ. وعما إذا كانت الرابطة ستعقد جمعيات عمومية للأساتذة لاستفتاء رأيهم حول ما تحقق من المطالب، لفت جواد إلى أن “رؤساء الروابط قدموا مبادرة للعودة إلى التعليم وضغطوا من أجل تحقيقها، ومن غير الجائز إلغاء دور رؤساء الروابط بالعودة إلى الجمعيات العمومية. لو أن وزير التربية هو من عرض على الروابط مبادرة وأرادت الأخيرة أخذ أي موقف، فعليها العودة إلى الأساتذة.”
واعتبر جواد أنه “رغم أن ما تحقق لا يؤمّن عيشة كريمة للأساتذة، وهم بحاجة لتثبيت قيمة رواتبهم حيال ارتفاع سعر صرف الدولار، إلا أن الروابط حققت بعد الإضراب مبدأ دفع بدل النقل بما يوازي ارتفاع سعر ثمن البنزين. وسيتقاضون بدلاً عن خمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضوري. كما أنه وعوضاً عن تسعين دولاراً كبدل إنتاجية للأساتذة، كان عرضها وزير التربية عباس الحلبي، أقرت وزارة التربية يوم أمس بدل إنتاجية للأشهر المقبلة عبارة عن 125 دولاراً بالشهر، وعن الأشهر الثلاثة المنصرمة 300 دولار. وثمة مساعي سياسية لحل معضلة تعاونية موظفي الدولة رفع بدل الاستشفاء إلى نحو 80 بالمئة.”
أما بما يتعلق بتقاضي الأساتذة بدل الإنتاجية بالليرة اللبنانية، واذا لم يقر ، قال جواد إنه “سيكون للروابط موقف صارم بعدم إجراء الامتحانات الرسمية. وبالتالي حقق رؤساء الروابط ما طالبوا به ولا معنى للعودة إلى الجمعيات العمومية للأساتذة، وإلغاء دورهم كرؤساء الروابط.”
ومن هنا يبدو أن الانقسام الحاصل اليوم بين الروابط سيستمر في ظل الوضع الحالي، وصحيح أن الأساتذة سيتقاضون مبالغ مالية بالليرة أكثر من السابق بكثير، إلا أن قيمتها وقدرتها الشرائية تراجعت كثيراً ، ويبدو ان الاساتذة لن يحققوا أي مكسب جديد في ظل تآكل القدرة الشرائية جراء التضخّم الحاصل في لبنان.