العلاقة اللبنانية-السعودية إلى مربّعها الأول… خطوات مرتقبة وماذا سيفعل ميقاتي؟
كتب وجدي العريضي في “النهار”: أعاد تورّط “حزب الله” في اليمن بعد المؤتمر الصحافي للناطق باسم التحالف العميد تركي المالكي، الأمور إلى المربع الأول ولا سيما بعد الأدلة الدامغة، إذ يكشف أحد الذين لهم صلات مع المملكة، أن ذلك لم يكن مفاجئاً، إذ رفعت تقارير منذ فترة ليست بعيدة إلى الجهات المعنيّة في #لبنان عن أجواء تشي بأن “حزب الله”، يدعم لوجستياً الحوثيين ويستقبل جرحاهم في مستشفياته، كذلك يقوم بتوفير كل مستلزمات الحوثيين إلى مخيّمات تدريب في مناطق لبنانية، ولكن لم تتحرّك السلطة اللبنانية التي قد يكون مغلوباً على أمرها باعتبار أن الحزب هو من يسيطر على مفاصل الساحة الداخلية في لبنان.
وتشير المعلومات إلى توجّه كتائب من “حزب الله” إلى حمص في الآونة الأخيرة، وهذا ما يؤكد استمرار قتاله في سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، لكن التعرّض للمدنيين السعوديين في جازان لن يمر مرور الكرام، وهذا كان واضحاً من خلال ما أشار إليه العميد المالكي وصولاً إلى تسرّب معلومات عن استياء سعودي وخليجي على أعلى المستويات حيال ما جرى أخيراً.
والسؤال المطروح الآن: إلى أين تتجه هذه العلاقة بعد إعلان جدّة الذي كان مدوّياً وحصل بفعل تسوية سعودية-فرنسية؟ وثمة معلومات بأن المؤشرات، وفق مصادر سياسية عليمة لـ”النهار”، كانت تقضي بسلسلة خطوات ستقدم عليها المملكة تجاه لبنان في وقت ليس ببعيد إذ ينقل عن بعض المقرّبين من الرياض وموفدي بعض الجهات السياسية إلى #السعودية بأن المطالبة بعودة السفير وليد البخاري من أكثر من مسؤول لبناني، قوبلت بإيجابية نظراً لخبرته ودوره ما يسهم في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. كذلك برزت أجواء تشي بتحضيرات لزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للرياض في ظلّ متابعة فاعلة من قبل فرنسا، حيث التنسيق بين باريس والرياض لم ينقطع منذ إعلان جدة بعدما بات الموقف الفرنسي متناغماً مع المملكة، وهذا ما سبق أن أكده الرئيس إيمانويل ماكرون من جدة، عندما اعتبر أن “حزب الله” يقوّض الحياة السياسية والاستقرار في لبنان، لذلك تتابع أن ما حصل في اليمن بعد إدانة “حزب الله” وصدور أكثر من موقف من دول الخليج يشجب ويدين هذه الأعمال، فإن لبنان مجدّداً يدخل في العواصف السياسية والأمنية والاقتصادية، إذ لا تكفي كلمة رئيس الجمهورية المعروفة الأهداف والمرامي أو الاستنكارات وفق ما يقول أحد النواب المستقيلين لـ”النهار”، بحيث المطلوب موقف رسمي واضح يسمّي الأشياء بمسمّياتها ويطلب تدخّلاً عربياً ودولياً لمساندة لبنان والوقوف إلى جانبه وإنقاذه من المحور الإيراني، وإلّا فالأمور ذاهبة في اتجاهات مخيفة على أكثر من خلفية سياسية داخلية وإقليمية. وبمعنى أوضح، إن لبنان سيعود منصّة وساحة لإيران لتصفية الحسابات في المنطقة ومهاجمة الخليج من الأراضي اللبنانية وإمداد الحوثيين بالسلاح والعتاد، وصولاً إلى ما يمكن أن يحصل في سوريا أو بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ولهذه الغاية فلبنان سيكون المتضرر الأكبر ومن يتلقف الارتدادات السلبية نتاج غياب الدولة وفي خضم ظروفه الاقتصادية المريبة وترقب المفاجآت من أيّ دولة خليجية أو سواها إذا استمرّت الأمور على ما هي عليه.
وتردف المصادر مشيرةً إلى أن الساعات المقبلة ستفضي إلى أجواء عمّا سيكون عليه الموقف اللبناني تجاه تدخل “حزب الله” في اليمن، وخصوصاً أن ثمة معلومات عن الدائرة الضيقة المحيطة برئيس الحكومة الذي يُعدّ الأكثر استياءً ممّا جرى بعد جهوده التي سبق أن قام بها مع الرئيس ماكرون شخصياً والتي أدّت إلى إعلان جدة وفتح الطريق للبنان أمام المملكة إذا التزم به، من هنا ثمة أجواء عن خطوات قد يقدم عليها ميقاتي إما باتخاذ موقف حازم وحاسم وتهديده بالاستقالة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه ولا سيما أنه لا يتحمّل وزر ما حصل وقد مارس كل الضغوط لاستقالة الوزير جورج قرداحي.
وأخيراً، السؤال المطروح: هل سيقدم ميقاتي على خطوة كبيرة تتماهى مع التطورات الأخيرة في ظل التباين الرئاسي الواضح حيال ملفات داخلية، إذ على الرغم من النفي المتواصل عن الخلافات، فذلك ما تبدى بوضوح حول الملف القضائي وصولاً إلى تعطيل مجلس الوزراء ومسائل كثيرة منها مجلس الدفاع الأعلى الذي بات بمثابة البديل من مجلس الوزراء، ويُعدّ في هذه الظروف الصعبة تقويضاً لدور رئيس الحكومة من خلال سياسات التعطيل المستمرة. وبناءً على ذلك، إن تورّط “حزب الله” في اليمن، وعوداً على بدء، سيعيد خلط الأوراق في الداخل اللبناني وستشهد الساحة المحلية تصعيداً سياسياً على هذه الخلفية، وبالتالي إصلاح البين بعد الأحداث الأخيرة، بات شبه مستحيل من خلال أيّ خطوة محلية في ظل تفكك وتحلل الدولة وارتفاع منسوب الانقسام السياسي الداخلي.