اقتصاد ومال

العقوبات الغربية تدفع روسيا نحو التخلف عن سداد ديونها

قد تتجنب روسيا التخلف عن سداد بعض ديونها التي استحقت أمس لكن تضييق الخناق عليها بالعقوبات التي تفرضها الدول الغربية رداً على غزوها أوكرانيا قد يدفعها حتماً للتخلف عن السداد في وقت لاحق.
فهذه الدفعة البالغة 71 مليون دولار قد تكون سُددت بعملات تحتفظ بها روسيا خارج المؤسسات المالية الأمريكية قبل أن تلغي واشنطن هذا الأسبوع إعفاءاً سمح لهيا بسداد دَينها الخارجي بالدولار.
لكن مع استحقاق دفعات أخرى في وقت لاحق، سيكون العالم على الأرجح أمام أول حالة تخلف دولة، بعكس إرادتها، عن السداد بسبب عقوبات دولية وليس بسبب عدم حيازتها للأموال الضرورية للتسديد.
وفيما يلي ثلاثة أسئلة وإجاباتها توضح هذا الوضع الغريب:
*ما هو التخلف عن سداد الديون السيادية؟
– تُعتبر دولة ما متخلفة عن السداد عندما لا تفي بالتزاماتها المالية، إما إلى دولة أخرى أو إلى مؤسسات مالية دولية مثل “صندوق النقد الدولي” أو البنك الدولي”، أو إلى مستثمرين اشتروا سنداتها. ويعدّ التخلف جزئياً في حالة عدم سدادد جزء من الدَين.
ويمكن لحكومة ما إعلان تخلفها عن السداد بالتصريح بأنها لن تسدد دَينها، على غرار ما فعلت سريلانكا الشهر الماضي، وكما فعلت روسيا في 1998 بخصوص دَينها الداخلي.
ويمكن أن يُعلَن التخلف عن السداد من جانب وكالة تصنيف بعد نهاية فترة سماح آلية من ثلاثين يوماً، في أعقاب استحقاق موعد الدفعة. لكن في حالة روسيا فإن وكالات التصنيف الثلاث توقفت عن تغطية هذا البلد التزاما بالعقوبات الغربية.
كما يمكن إعلان التخلف عن السداد رسمياً من جانب جهة مقترضة خاصة تقول علناً أن دولة ما لم تسدد الدفعة، أو عبر الاتحاد الدولي للمقايضات والمشتقات “إسدا”، والذي يمكن لقراره المتعلق بعدم السداد أن يؤدي إلى تحرير دفعات تأمين مقايضات التخلف عن السداد “سي.دي.إس”، وهو شكل من أشكال التأمين على سداد الديون.
– ما هو الوضع بالنسبة لروسيا؟
*حتى هذا الأسبوع سمح إعفاء من العقوبات الأمريكية لروسيا بسداد الدفعات المستحقة لحاملي سنداتها بالدولار، لكن إدارة بايدن ألغت الإعفاء.
وكررت روسيا يوم الأربعاء الماضي استعدادها لسداد كل ديونها بالروبل، لكن شروط بعض السندات تحدد أن تكون الدفعات بالدولار أو بعملات أخرى. واستحقت أمس الجمعة دفعة فائدة قيمتها 71 مليون دولار. وبحسب سليم سويسي، الاستاذ في كلية كان للأعمال “آي.إيه.إي”، فإن بنود السندات “لا تشمل الدفع بالروبل، فقط بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري”.
وقد تعتبر دفعة بالروبل تخلفا عن السداد، حسبما قال خبير لدى وكالة “فيتش” للتصنيف الإئتماني.
وربما تكون الدفعة قد سُددت قبل إلغاء الإعفاء الأمريكي من العقوبات. فقد أعلنت وزارة المال الروسية في بيان الأسبوع الماضي أنها حوّلت المبالغ لتوزيعها على حاملي السندات، وقالت “تم الوفاء بواجب السداد بالنسبة لسندات الاتحاد الروسي بالكامل ووفقا لوثائق سندات يوروبوند من جانب وزارة المال الروسية”.
وأضافت أن دفعة ثانية قدرها 26,5 مليون يورو مستحقة يوم الجمعة تم تسديدها أيضاً، رغم أن الدفعة يمكن سدادها بالروبل بموجب شروط السندات.
وتستحق ثلاث دفعات فوائد يبلغ مجموعها أقل بقليل من 400 مليون دولار في نهاية حزيران/يونيو، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. وبعض تلك السندات يمكن أن تدفع فقط بالدولار.
وفي المجموع يتعين على الحكومة الروسية سداد 14 دفعة بحلول نهاية العام.
– ماذا الذي يختلف هنا؟
*لدى روسيا الأموال الضرورية للسداد وتريد أن تسدد لكنها لا تستطيع بسبب العقوبات الغربية. ويقول خبراء أنها الحالة الأولى من نوعها.
فعندما تخلفت الأرجنتين عن السداد في 2014، كان لديها الأموال لكنها رفضت الدفع لصناديق التَحَوُّط التي رفضت قبول صفقة لأنها كانت ستقوض مجمل عملية إعادة التفاوض على ديونها.
وقد هددت وزارة المال الروسية باللجوء إلى القضاء إذا أُعلنت روسيا في حالة تخلف عن السداد، لإثبات أنها سعت لسداد مستحقات الدائنين.
ويعني التخلف عن السداد عادة فقدان دولة ما قدرتها على الاقتراض في أسواق راس المال الدولية لعدة سنوات حتى تستعيد ثقة المستثمرين.
في هذه الحالة فإن العقوبات الدولية المفروضة تحول دون تمكن روسيا من الاقتراض. وبينما لا تمثل ثقة الدائنين في قدرة روسيا على السداد مشكلة في الوقت الحالي، إلا أنها يمكن أن تصبح مشكلة إذا ما دفعت العقوبات باقتصاد هذا البلد إلى الركود الحاد.

المصدر: أ.ف.ب

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى