محمد حسن الساعدي, خاص – “رأي سياسي” :
يعيش العراق منذ بدء طوفان الأقصى قبل أكثر من عام ضغوطاً أمنية وسياسية كبيرة، ويأتي هذا الضغط كنتيجة طبيعية لوقوعه في الموقع (الجيوسياسي) الحساس خصوصا مع الأحداث الأمنية المتسارعة في المنطقة والتي تجعله واقعا تحت تأثيرها لا محالة،ما ينعكس سلبا على الاستقرار الأمني والسياسة الداخلي،ما يحد من قدرته على التوسع في دوره السياسي والإنساني فيها،ومع كل هذه الضغوط إلا أن العراق ما زال يبدي اصراراً على ضرورة تجاوز هذه الضغوط والانفتاح أكثر على دول المنطقة من أجل الحفاظ على هذا الدور،لذلك يسعى العراق على أن يبقى له الدور الإنساني المساند للدول التي تتعرض لاعتداءات من قبل الكيان الإسرائيلي(لبنان فلسطين سوريا وغيرها) التي تحتاج إلى دعم وإسناد يمكنها من الاستقرار والاستمرار بالمقاومة والوقوف بوجه العدوان الصهيوني،الأمر الذي يتطلب من العراق بقائه مستقرا وتعزيز هذا الاستقرار لضمان استمرارية الاستراتيجي في المنطقة.
العراق بإمكانياته السياسية المحدودة يسعى جاهدا من أجل الحفاظ على استقلاليته سواء في الجانب السياسي والأمني ومواقفه من خلال اعتماد سياسة خارجية تسهم في تخفيف التوترات الإقليمية حيث أسهم من خلال هذا الموقع في قلب الصراع كوسيط في الاستقرار ومنع جر المنطقة عموما في صراع لا ينتهي،الأمر الذي يعزز دوره كدولة مسؤولة معتدلة وأن استقرار المنطقة وساحاتها يسهم كثيرا وبشكل فعال في دعم الساحات التي تعاني من الأزمات،إذ إن استقرار (سوريا لبنان فلسطين وغيرها)يسهم كثيرا في دعم الأوضاع الإنسانية وأعاده ترتيب الأوضاع الداخلية لهذه الدول،حيث يعد العراق شريكاً أساسياً في دعم هذه الدول إذا ما استمر على مسار الاستقرار الاقتصادي والسياسي،الأمر الذي يجعله قادرا على المساهمة في إعادة ترتيب اوضاعها الداخلية.
العراق كدولة في قلب الشرق الأوسط يتبنى منهج حذر جدا في التعامل مع القضايا الأساسية فبرغم من دعمه لمحور المقاومة في مواجهة الكيان الإسرائيلي إلا أنه يحافظ على مركزيته واستقلاليته،ومنع إنزلاقه في صراعات مكلفة،مما يتيح له تقديم الدعم بطريقة مسؤولة دون أن يكون ساحة لتصفية الحسابات أو محطة للصراعات، وبالتالي يحافظ على مصالحها الاستراتيجية ويؤكد على مبدأ التوازن بين تقديم الدعم لمحور المقاومة والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي،الأمر الذي يجعله يتحرك بحرية في الساحة الإقليمية ويقدم الدعم اللازم في لبنان وفلسطين .
بعقلانيه يمارس العراق دوره الإيجابي دون الانزلاق نحو التدخل المباشر في هذا الصراع والذي قد يؤثر بصورة سلبية على أمنه واستقراره ويجعله هدفا سهلاً للاستهداف، ويلغي دوره السياسي والإنسان الذي لعبه سابقا او الآن، ما يستدعي التروي وتقدير العواقب المحتملة لضمان حماية العراق ودوره الاستراتيجي في المنطقة بحيث تتوافق القرارات العراقية مع أهداف الاستقرار الداخلي وحفظ المصالح الوطنية وتبقى مساندة الدول التي تتعرض للعدوان الصهيوني،على أن تبقى مصالح العراقية العليا وأن أمنه واستقراره في المقدمة.