محمد حسن الساعدي, خاص – “رأي سياسي”:
منذ بدء الازمة السورية التي بدأت مع بدايات الحالي وسقوط نظام الاسد، وبغداد تمارس كل الادوار السياسية في تقريب وجهات النظر بين البلدان المجاورة لسوريا او التي كان لها دور رئيسي فيما يجري على الارض السورية ،وبالرغم من الجهود الدولية والعربية والاسلامية التي تبذل من اجل درء الصراع ومنع أتساعه ليشمل المنطقة،الا ان بوادر الاتساع وصوت الصراع أعلى من صوت التهدئة فاللاعب الاقليمي ما زال يريد فرض سيطرته على الاوضاع في سوريا وفرض سيطرته على المدن والمحافظات فيها،فتركيا هي من تقف خلف هياة تحرير الشام التي يتزعمها “أبو محمد الجولاني” والمطلوب للقضاء العراقي ومحكوم عليه بالإعدام غيابياً،بالاضافة الى الولايات المتحدة الامريكية التي خصصت مكافئة 10 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات عنه،الامر الذي يغير قواعد اللعبة بالنسبة لواشنطن ويجعل الجولاني حليق استراتيجي لها خلال الحقبة القادمة.
تركيا تعد اللاعب الرئيسي في إسقاط نظام الاسد،والتي جاءت بعد قطيعة بين تركيا وسوريا على خلفية أزمة النازحين والتي ضاق بهم ذرعاً والتي تصل اعدادهم الى اكثر من مليوني نازح والتي رفض فيها الاسد التباحث مع أنقرة ما لم يتم النقاش في أنسحاب القوت التركية التي تسير على إجزاء كبيرة من سوريا،ما ولد حالة من القطيعة بين الجانبين،لذلك سارع أرد وغان الى فتح قنوات الحوار مع المسلحين ودعمهم من أجل أن يكونوا ورقة ضغط على الاسد من اجل الجلوس على طاولة الحوار مع الاتراك.
اللاعب الآخر هم الروس الذين سكتوا أمام اندفاع المسلحين وانسحاب الجيش السوري والذي هو الآخر لم يقم بواجبه في الدفاع او صد المسلحين القادمين من أدلب باتجاه المدن السورية الاخرى وصولا الى دمشق ودون أي معارضة، وهذا ما فاجئ حلفاء سوريا وطريقة التعاطي مع هجوم المسلحين والذي بحسب التقارير لم يكن بنيتهم الوصول الى دمشق،بل كان ورقة ضغط يستخدمها الاتراك لجلوس الاسد على طاولة الحوار وإنهاء ملف النازحين والذي آخذ يرهق الاتراك ويسبب لهم الازمات الاقتصادية والاجتماعية في تركيا.
اللاعب الثالث في هذا الصراع هم الاسرائيليون والذي ساهموا كثيراً في مساعدة المسلحين على الوصول الى دمشق،وما ان سقطت الاخيرة حتى قاموا بحركة سريعة للسيطرة على جنوب سوريا وبناء قواعد لهم، وهذا ما تحقق فعلاً من خلال عقد أول اجتماع لنتنياهو مع الجيش الاسرائيلي في جبل الشيخ وفرض امر واقع على الارض في سوريا،ومحاولة قطع الامدادات بين إيران وجنوب لبنان وتحديداً حزب الله.
اللاعب الرابع هم الاوكرانيين والذين قدموا الدعم العسكري واللوجستي لهياة تحرير الشام وتوفير الطائرات المسيرة بالإضافة لتدريب المسلحين في هياة تحرير الشام،والهدف من هذا الدعم هو فتح جبهة لهم في سوريا وتخفيف الضغط الروسي على الاوكرانيين وإتاحة الفرصة لهم في جر الجيش الروسي في مواجهة مع المجموعات المسلحة بقيادة الجولاني ، وهذا ما لم يتحقق واستطاع الروس من قراءة الموقف بعناية ودقة وأبعدوا انفسهم عن المواجهة مع المسلحين في سوريا.
اللاعب الاخير والذي يتم كل هذا الحرك برعايته وحمايته هو اللاعب الامريكي الذي يسعى الى إيجاد خارطة جديدة للشرق الاوسط وسلّم الملف كاملاً للإسرائيليين من أجل إعادة رسم هذه الخريطة وفق مصالحهم وحماية امنهم في المنطقة،وهذا ما أتسق تماماً في الخطاب الذي القاه نتنياهو في جلسة الامم المتحدة والتي عرض فيها الخارطة الجديدة للمشهد في الشرق الاوسط ويسعى لتنفيذها مع واشنطن.
يبقى شيء اخير هو العراق الذي رفض الإملاءات الخارجية وهذا ما انعكس من خلال رفض أي اوامر تعطى للعراق من خلال زيارة ممثل الامين العام للأمم المتحدة الى المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف حيث رفضت المرجعية هذه الاملاءات واعتبرتها تدخلاً بالشأن العراقي ويمس سيادته وقراراه، واعلنها بصراحة ان القرار العراقي يصنع في العراق.