خاصأبرزرأي

العراق بين الدبلوماسية ودعوات فرض العقوبات وإنهاء المساعدات

محمد حسن الساعدي, خاصة – “رأي سياسي” :


الدعوات التي يطلقها بعض النواب الامريكيون لفرض عقوبات على العراق وإنهاء المساعدات العسكرية الامريكية للعراق تأتي وسط ضغوط تمارسها واشنطن على العراق من أجل منه الجهاز المالي من أي خرق للعقوبات المفروضة على إيران، في حين ان العراق لديع تعاملات تجارية وأقتصادية مع طهران أهمها تزويده بالغاز السائل لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية وغيرها من عقود وتبادل تجاري لايمكن تعويض أي نقص لهذا التبادل من دول المنطقة، إذ يصل حجم التبادل التجاري بين الطرفين الى أكثر من عشرة مليار دولار وأن أي منع لهذا التبادل قد يسبب نقصاً في الموارد المستوردة وبالتالي يؤدي الى أزمة أقتصادية خصوصاً وأن العراق ما زال يعتمد على جيرانه في أغلب سلته الغذائية سواءً من المنتجات الزراعية أو الغذائية للفرد العراقي، وسط الازمة السياسية والاقتصادية الخطيرة التي تعاني منها المنطقة بعد سقوط نظام الاسد والاحداث الخطيرة في غزة وجنوب لبنان.


النواب الامريكيون في الكونغرس الامريكي الاثنى عشر دعوا الى منع المساعدات العسكرية الامريكية للعراق،وتصنيف الحشد الشعبي على انه منظمة أرهابية وضرورة فرض عقوبات على العراق،إذ أعلن النائب الجمهوري “جريج ستيوب” من فلوريدا في السابع من شباط “فبراير” الى دعم مثل هذه الدعوات والتي تحث وزير الخارجية “ماركو روبيو” ومستشار الامن القومي “مايكل والتز” على ضرورة إتخاذ إجراءات فورية ضد الحشد الشعبي،ومنها منع المساعدات الانسانية والتنموية،بالمقابل فان بغداد مقبلة على وضه=ع اللمسات الاخيرة للاتفاقية الاستراتيجية الثنائية مع دول التحالف الدولي من أجل خروج قواتها من العراق بحلول 2026 ،الى جانب التحرك العراقي نحو عقد الفقات التجارية والعسكرية مع حلفاء واشنطن الرئيسين والتي تقدر بمليار دولار.


الولايات المتحدة أرسلت خلال سنوات إشارات متضاربة بشأن وجودها في العراق فهي مترددة بين الاستعداد لسحب القوات والعناد في البقاء، إذ وفي وقت سابق من عام 2020 رفضت الولايات المتحدة رسالة سرية تم تسريبها وصفها جنرال امريكي بأنها صيغت بشكل سيئ وتشير إلى الانسحاب فيما أصرت بغداد على ان الرسالة كانت دقيقة، وبدأ أخيرا الحديث عن انسحاب امريكي من العراق وعملية تحديد جدول زمني لانسحاب الولايات المتحدة وإن كان ذلك مرة أخرى دون ضمانات ثابتة، وبغض النظر عن موقف العراق أو قراراته البرلمانية والتي لا يزال الكثير منها غير ملزم فإن سنوات من المفاوضات غير المثمرة بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة الامريكية قد حولت الحديث الآن نحو العلاقات الثنائية مع شركاء التحالف في الحرب ضد داعش.


الحكومة العراقية من جهتها تحركت وتكيفت مع التطورات السياسية السريعة في المنطقة وينقل التحالف الان بهدوء ثقله العسكري إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد، وبدات بالسعي من أجل إيجاد اتفاق أقتصادي متزايد في العراق مع بريطانيا على حساب الوجود الأمريكي، إذ وقعت بريطانيا بالفعل اتفاقيات حاسمة مع العراق بما في ذلك تطوير قاعدة القيارة العسكرية في الموصل وعودة شركات النفط البريطانية إلى كركوك، حيث تشير هذه التحركات إلى أن العراق لا يحل محل الولايات المتحدة ببريطانيا فحسب بل إنه يبرم بدلا من ذلك اتفاقيات ثنائية مع أعضاء التحالف ومنها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية لتفكيك التحالف بشكل منهجي وإعادة تنظيم شراكته.


تعتمد إستراتيجية العراق وبصورة واضحة على تغيير طبيعة التعامل مع التحالف الدولي القديم بشبكة تعتمد على الشراكات الثنائية المباشرة وضمان الأمن مع استعادة السيادة الوطنية، ولكن يبقى السؤال الوحيد المطروح حالياً …وهو الثمن الذي ربما ستضطر بغداد إلى دفعه لقاء تحركها الجديد نحو العالم ؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى